د.محمد السيد سالم يكتب | المشهد الإقليمي.. من الاختلافات إلي التكامل

0

إلى أي مدى يتغير الشرق الأوسط، وماذا بشأن اتجاهات التغيير المحتملة، في عالم تتلاطم فيه أمواج التغيير‌
والتحول السريع في الأحداث والمواقف، يبرز مصطلح الشرق الأوسط الجديد في وسائل الإعلام الغربية ومعظم‌
المنابر الدولية على نحو متزايد خاصة عقب الصراعات الدموية التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة، لا يقتصر‌
هذا المصطلح على توصيف جغرافي أو سياسي فحسب بل يعكس حقبة جديدة من العلاقات الدولية والنظام‌
الإقليمي الذي يشهد إعادة تشكيل لموازين القوى وفقاً لمصالح دول بعينها، وكذلك تحالفات جديدة قد تعيد رسم‌
خريطة النفوذ والسلطة في الشرق الأوسط، كما ظهر هذا المصطلح أيضاً في ظل توترات متصاعدة سعياً إلى فهم‌
التداعيات السياسية والاجتماعية للتغيرات التي تموج بها المنطقة ككل، كما تشهد المنطقة حالياً نزاعات كثيرة‌
وتحولات سياسية جذرية، حيث تتداخل القضايا القومية مع الأزمات الإنسانية والتحديات الاقتصادية‌
والسياسات الخارجية للقوى العظمى، حيث اكتسب الشرق الأوسط أهمية إستراتيجية بالغة بوصفه ساحة‌
للصراع بين القوي العظميي، فقد شهدت المنطقة تنافسا حادا للنفوذ، وتأثيرات السياسات الأيديولوجية التي‌
غذت الصراعات الإقليمية والحروب بالوكالة، وتركت إرثاً من الاضطرابات والتحالفات المتغيرة.
حيث يظهر من هذه الخلفية التاريخية أن الشرق الأوسط الجديد ليس فقط مسرحاً للصراعات القديمة التي‌
أعيد تجديدها بأشكال جديدة ، ومع ذلك تبقى القضايا الأساسية مثل العدالة، والتنمية، والحقوق الإنسانية،‌
بحاجة إلى الاهتمام الحثيث لضمان مستقبل أكثر استقراراً للمنطقة، ويبدو أن العامل المهم في الشرق الأوسط‌
الجديد هو تعويم الدور العربي بقوة لذا يبرز في المشهد الحالي تصاعد الصراع الإقليمي أو التنافس بين إسرائيل‌
وإيران وتركيا، لأن إعادة رسم الشرق الأوسط الجديد يتناسب طردا مع تغيير موازين القوى، وهذا يعني أنه لا‌
يمكن رسم هذه الخريطة مع بقاء النظامين الإيراني والتركي كقوى فاعلة ومؤثرة في المنطقة، وهذا ما يفسر تزايد‌
مخاوف تركيا من المخطط الإسرائيلي والمشروع الأمريكي في إعادة هيكلة الشرق الأوسط حيث لابد أن يطالها‌
التقسيم، باختصار يبدو أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولاً كبيراً على صعيد التحالفات والاقتصاد،‌
ومصطلح الشرق الأوسط الجديد يجعلنا نصطدم بواقع معقد وتحديات جمة، الحروب في ليبيا واليمن وسوريا‌
والسودان وغزة وإيران لم تكن مجرد صراعات فقط، بل تداخلت فيها مصالح إقليمية ودولية، ما جعل من‌
الصعب تحقيق حلول سلمية دائمة دون تدخل خارجي، لن يكونا السلام الدائم والتقدم الاجتماعي ممكنين إلا‌
بفهم عميق للتحديات الراهنة، واستعداد لمواجهتها بشجاعة وإبداع، وهذا يحتاج إلى تعاون إقليمي ودولي يقوم‌
على احترام السيادة والاستقلال الوطني لكل دولة، مع تأكيد أهمية تجاوز الاختلافات الدينية والمذهبية من أجل‌
مصلحة مشتركة، تبقى هنا حاجة ماسة إلى بناء قوات مسلحة موحدة، أو تعاون دفاعي إقليمي يحمي الدول من‌
التدخلات الخارجية، ومواجهة الطموح التوسعية لبعض الدول، ويضمن الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط،‌
وذلك من خلال التأسيس على قواعد من الثقة المتبادلة والمصالح الإستراتيجية الواضحة.
اقول هنا وبقلب صادق.. لكي نبني مستقبل يضمن استقلالاً للدول العربية ودول المنطقة ككل يكمن ذلك في‌
قدرتها على التكامل، ليس فقط في مواجهة التحديات والمخاطر بل في بناء نظام إقليمي يعزز قدراتها التنموية‌
والثقافية والاجتماعية، بحيث تتحول التناقضات إلى تنوع يثري، والاختلافات إلى تكامل يبني، وذلك بروح من‌
الإنسانية والتضامن، والسعي إلى مستقبل أفضل لجميع دول المنطقة.

عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.