د. محمد بغدادي يكتب | العالم بين رحى أزمات غذائية وطبيعية

0

تساؤلات كثيرة تطرح نفسها على الساحة الاقتصادية، كيف يمكن تقييم الوضع الاقتصادي العالمي؟ هل نحن في أزمة غذائية؟ فلا يمكن أن تمر الأزمات والحروب الدولية مرور الكرام دون التأثير والتأثر والشد والجذب من هنا وهناك، وظهور سياسات جديدة وتحالفات حديثة وانهيار تحالفات قائمة، ما يجعل دول العالم في مهب الريح خاصة أننا نتحدث عن دولتين هما سلة الخبز العالمي (أوكرانيا وروسيا)، فالعالم يترقب أضرارا اقتصادية موجعة بسبب زيادة أزمة الغذاء في جميع أنحاء العالم، ما أثر بالسلب على الأسعار وجعلها تقفز للأعلى، ووفقا لتقرير البنك الدولي هناك كارثة تهدد دولا بعينها جراء أزمة الغذاء، فهناك ما يقرب من 6 ملايين صومالي يواجهون ما هو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي.
المعطيات تعطي دلالات قوية بأن العالم يقترب من أزمات غذائية شديدة اللهجة، فالاستثمارات العالمية أصبحت تتجه نحو التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإنترنت والعالم الافتراضي وأصبحنا لا نفكر في الاستثمارات الزراعية والصناعية إلا في أقل القليل وبات النزاع بين الشرق والغرب على كيفية تسخير التكنولوجيا لخدمة بني الإنسان، ولكن يبقي السؤال كيف تستطيع التكنولوجيا أن تخدم الإنسان في السلع الأساسية بخلاف تساؤلات كثيرة منها كيف يستطيع العالم أن يكتفي ذاتيا من السلع الأساسية؟ كيف يمكن توفير السلع الأساسية؟ وكيف يمكن زيادة المساحة الزراعية.
لم يعد العالم في حاجة للعنف، والكون في حاجة للاهتمام به، فالتغذية تنخفض بمعدلات تدعو للتخوف والقلق، فالارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الغذائية قد يؤدي بفئات كثيرة إلى الفقر وسوء التغذية والأمراض، فهناك تضخم يصيب الدول النامية بصورة واضحة نتيجة لسوء إدارة الدول المتقدمة للصناديق والبنوك الدولية، فمع بداية 2021 م قامت البنوك الغربية بضخ تريليونات من عملات مختلفة غير المدعومة مما ساعد على زيادة معدلات التضخم في العالم بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وواشنطن، عقوبات غير مسبوقة على روسيا، التي تعد من أبرز منتجي موارد الطاقة ومصدري المواد الغذائية في العالم.
وتتهافت المؤشرات الدالة على استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في العالم، نتيجة حتمية لاستمرار مسلسلات العنف في العالم وزيادة عدد السكان وقلة الموارد وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مع زيادة عدد المستهلكين في العالم وقلة عدد المنتجين وبروز قوي جديدة على الساحة الاقتصادية وانهيار كيانات أخري وصعود وهبوط العملات المختلفة مع تذبذبات الأسواق وسوء تقدير للمواقف الاقتصادية لبعض الكيانات.
ومع زيادة التنافس العالمي بين العملات المختلفة وخاصة عملات الكبار والتي منها الدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين واليوان والروبل، والكل يبحث عن مقعد اقتصادي قوي له في الأسواق العالمية باختلاف مصادر قوة العملة، فهناك دول زراعية وأخري صناعية وأخري تجارية وأصبحنا نحن الآن نبحث عن أنفسنا وعن السلع الأساسية، فلقد ضاع العالم واستحوذت عليه التكنولوجيا ببراثنها المختلفة وقواتها الجبارة واستقطعت منا أعمارا وآجالا وأزمنة وأوقات عصيبة، ما أفقدنا توازننا وجعلنا نلهث وراءها، ما جعلنا فريسة سهلة أمام الغير، فبات العالم يبحث عن سلع أساسية وسلع بديلة في ظل ضبابية المشهد بالنسبة للسلع الأساسية.
يا سادة نحن في أمس الحاجة للوحدة لحل المشكلات العالمية، فلسنا في جزر منعزلة، بل نحن في قطعة إسفنجية شمالها يقترب من جنوبها وشرقها يلاحق غربها، فلنتحد لوقف نزيف انهيار الطبيعة في محاولة للقضاء على التصحر وتجريف التربة وقلة المساحة الزراعية وإلا فالعواقب وخيمة في ظل تضخم يبتلع الجميع بين أنيابه وارتفاع السلع الرئيسية مع انهيار كيانات سلة الغذاء في العالم، وهناك تساؤلات يجب العمل على حلها وأولها كيفية التعامل لتوفير السلع والغذاء في العالم، فكيف يمكن زيادة المساحات الزراعية للقمح في دول العالم دون الجلوس ووضع قرارات لدراسة جدوي الأراضي الزراعية الخصبة التي ستقوم بزراعة القمح، مع تحديد أسعار النفط والذهب في العالم والرقابة على الأسواق المختلفة، فالوقت قد حان لملاحقة ما تبقي من انهيارات متتالية يتكبدها العالم أثناء محاربته للطبيعة وسوء إدارته للمساحات المنزرعة مع ارتفاع أسعار النفط والذهب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.