د. محمد بغدادي يكتب | دع الملك للمالك

0

كلمة نقولها، ولا نفعلها فأحيانا كثيرة، بل غالبا ما نتدخل، وبكل قوة في شئون غيرنا، ولا أعلم لماذا، فغيرنا له ظروفه الخاصة، وحياته الخاصة، وشئونه الداخلية، التي لا ينبغي أن نبحث عنها، ونفحصها جيدا، مرات ومرات، ونفتشها في كل مرحلة، فكل منا لديه خصوصياته المعقدة، وبيئته الشخصية، وعالمه الخاص، الذي لا يريد أي منا أن يتدخل فيه، فحتى أفكارنا لها خصوصيتها، وحتى قلوبنا لها مغالقها.
فجميع الأديان، دعت لاحترام خصوصيات الأفراد وحريتهم، حتى في المعتقدات، فالكل أجمع على تقدير الأشخاص لحياتهم الخاصة، ولكن هيهات هيهات، لا نرتاح مطلقا، ويهدأ بالنا إلا إذا علمنا، كيف تزوج فلان، وكيف، ولماذا أصبح هذا غنيا، وذاك كان فقيرا، وهذه ما حكايتها، وهذا هل رزق بطفل، أم أنه عقيما، أم هل ذهب للطبيب، وهؤلاء كيف حالهم بعد وفاة والدهم، وهذه ما حالها بعد وفاة زوجها، فعلا لقد ارتاح منها بوفاته، وهذا الأخ يعامل إخوته بطريقة سيئة، وهذا ابن عاق، وهذه تسير في الحياة بدون رقيب، وهذا وهذه وهذان وهؤلاء…
لماذا أصبحنا نحن الحكماء والقضاة والجلادين والمحامين في نفس الوقت، وتناسينا أننا، وكما نتتبع عورات الناس، فإن الناس سيتتبعون عوراتنا، بل الأدهى من ذلك، فإن الله هو الذي سيتتبع عوراتنا عندما نتتبع عورات الناس.
الحياة، أصبحت بالغة الصعوبة في ظل موجات فتن قاحلة مظلمة، فخضنا كالذي خاضوا، وتناسينا ألسنتنا، وما تقوله، واستمعنا جيدا للقيل والقال، وانصتت الأذان لكلمات كثيرة، لا تغني ولا تسمن من جوع، وضحكنا وعلت الأصوات الضاحكة، ولم نجن شيئا يذكر.
فإن كان للناس أولاد، فلك أيضا أولاد، وإن كان للناس بنات، فلك أيضا بنات، وإن كانت لك زوجة، فللناس زوجات، وما لا ترضيه لنفسك، لا ترضيه لغيرك، فنحن وأنتم في خندق واحد، وفي عالم واحد، وتحت سماء إله واحد، فمن باب أولى أن نخاف الله، ولا نقترب من أمور، قد تفسد علينا حياتنا، قف وأعد حساباتك ثانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.