د.محمد بغدادي يكتب | صرخات القلوب

0

يبدو أننا فقدنا الشغف لكل شيء كما يبدو أننا محاصرون بأفكار سامة تختطفنا يمينا ويسارا كما يبدو أن الحب ذهب بغير رجعة ويبدو أن لغة المصالح هي الشغل الشاغل لنا جميعا وبتنا وجهاء في المظهر والشكل لكننا فارغين من الداخل
وأصبحت حرارة عقولنا أشد ضراوة من حرارة صيفنا هذا وبات الخطأ هو أصح العبارات وبات الصح هو الخطأ بعينه دون تفكير. كما أن لغة المال هي المسيطرة على تعاملاتنا فأنت في أعماق فؤادي وروحي وأحشائي طالما أن هناك استفادة مادية ملموسة لكنه ومع غياب عنصر الاستفادة فأنت عدو لدود رغم إنك بالأمس القريب كنت على رأس فريق المحبين وبدأنا نلهث وراء المال ونحلم ونذهب ونركض حتى تقطعت بنا الأنفاس والطرق وتشتت شملنا بل وضاعت أعمارنا سدى ولم يعد يتخللها سوى سويعات بسيطة من صلاة وذكر ودعاء وبعض ابتسامات أبنائك وضحكات والديك وفرحة قليلة بداخلك من بضع لحظات اعطتها لك دنياك الفقيرة.
وانقضت علينا ثورتنا التكنولوجية بمخالبها فأودت بما تبقى لنا من سعادة وسط الزحام الشديد من المشاعر المادية البائسة التي رغم غناها إلا أننا فقراء من السعادة.
إن إعادة هيكلة نفسيتنا لهو الشغل الشاغل لكبرى الدول المتقدمة فلن تتقدم إلا عندما تصبح شخصيا آدميا بلا أزمات معنوية حتى ترى الصح صحيحا والخطأ جريمة تعاقب عليها المشاعر قبل القانون.
إننا في أمس الحاجة لمن يستمع لأصواتنا الداخلية وصرخاتنا وفي أمس الحاجة لمن يتقرب منا بلا مصالح زائلة وفي أمس الحاجة لأمنيات تتحقق مر عليها سنوات وشتاء وصيف وفي أمس الحاجة لمن يحتضننا برفق لنبكي ونبكي حتى تنتهي الدموع وتذهب بلا رجعة وبتنا في أمس الحاجة لإحياء ذكريات جميلة مرت عليها السنوات لكنها محفورة بماء الذهب وسط براكين الرماد القاطنة في قلوبنا.
وأصبحنا في أمس الحاجة للماضي بهدوءه وروعته وإخلاصه ونعومته ولياليه وسهره وأخلاقه وأشخاصه الأنقياء الفضلاء ونجد أنفسنا في أمس الحاجة لمن يشعر بقلوبنا ولو لساعة في عام كامل أو للحظة في العمر بأكمله.
تسمع شكوى من هنا وتسمع آهات من هناك وأزمات وقصص وأنين والسبب واحد هو أننا فقدنا آدميتنا الجميلة الرقيقة البريئه الصادقة واشترينا آدمية الغطرسة والحقد والطمع والجشع وبتنا ننظر لبعضنا البعض نظرات الأفعى للصيد السمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.