د. محمد حمدي عبد العليم علام يكتب | القانون والذكاء الاصطناعي .. تحولات وتحديات العصر الرقمي

0

في العقود الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) قوة دافعة رئيسية للتغيير في مختلف المجالات. هذه التكنولوجيا المتقدمة تُعِيد تشكيل الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من خلال تقديم حلول مبتكرة في قطاعات مثل الصحة، والتعليم، والصناعة. ولكن مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، تنشأ تحديات قانونية وأخلاقية كبيرة تتطلب تدخل القوانين والتنظيمات لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بشكل آمن ومسؤول. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية جديدة، بل هو أداة تحمل معها إمكانيات لا حدود لها، إلى جانب مسؤوليات كبيرة، وتطرح هذه التكنولوجيا تحديات جديدة أمام القانون، وتتطلب إعادة تقييم المبادئ القانونية التقليدية. على سبيل المثال؛ من هو المسؤول في حال وقوع خطأ ناتج عن قرار اتخذته خوارزمية ذكاء اصطناعي؟ كيف يمكن للقانون حماية خصوصية الأفراد في ظل توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع البيانات وتحليلها؟

إن تنظيم الذكاء الاصطناعي يعد أمرًا حيويًا لضمان أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا بشكل يحقق الفوائد دون الإضرار بالأفراد أو المجتمع. والقوانين تلعب دورًا محوريًا في وضع معايير لاستخدام الذكاء الاصطناعي بما في ذلك حماية الخصوصية، وضمان الشفافية، ومنع التمييز. وفي هذا السياق، تسعى العديد من الدول إلى تطوير إطار قانوني شامل ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي ويحدد المسؤوليات القانونية المرتبطة به، ومن أبرز التحديات القانونية التي يواجهها الذكاء الاصطناعي هو مسألة المسؤولية القانونية، إذا تسبب نظام ذكاء اصطناعي في حدوث ضرر، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: من يتحمل المسؤولية؟ هل هي الشركة المصنعة للنظام، أو المبرمج الذي صمم الخوارزمية، أم المستخدم النهائي؟

تحدٍ آخر يتعلق بالخصوصية حيث تعتمد العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات الشخصية لتحسين أدائها، هذه الممارسة تثير تساؤلات حول كيفية حماية هذه البيانات ومنع إساءة استخدامها. وتحاول العديد من الدول تطوير قوانين لتنظيم الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال الإمارات تصدر قانوناً بإنشاء مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة؛ وسيكون المجلس مسؤولاً عن تطوير وتنفيذ السياسات والإستراتيجيات المرتبطة بتقنيات واستثمارات وأبحاث الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة في أبوظبي، وفي الاتحاد الأوروبي يجري العمل على قانون الذكاء الاصطناعي الذي يهدف إلى وضع معايير صارمة لاستخدام هذه التكنولوجيا، مع التركيز على حقوق الإنسان وحماية البيانات. وفي الولايات المتحدة تتم معالجة قضايا الذكاء الاصطناعي بشكل مختلف، مع تركيز كبير على الابتكار ومرونة السوق، مما يفتح المجال أمام الشركات لتطوير هذه التكنولوجيا، مع وجود بعض الإرشادات التنظيمية للحفاظ على التوازن.

نستنتج من ذلك إن دمج الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية يقدم فرصًا هائلة، لكنه أيضًا يثير العديد من التحديات القانونية والأخلاقية، ويتعين على القوانين أن تتطور لتواكب هذه التحولات، مع الأخذ في الاعتبار أن حماية حقوق الأفراد وضمان العدالة والمساواة هي الأولويات الأساسية في هذا السياق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.