د.محمد عمارة يكتب | حدث في مثل هذا اليوم ومعجزة “الأربع ستات

0

أصبحت “الصحافة التريندية” متعلقة بمشاهدات أكثر أو مدفوعة الأجر أو ظاهرها ترويجي وباطنها هدام، فتعددت الدفوع والترند واحد. كنا في الماضي نشاهد حدثا في مثل هذا اليوم لاستنهاض ذاكرة الأمة، لنتعلم من التاريخ الدروس والعبر، ولا ننسى تاريخنا فنتوه في حاضرنا، وشهر أكتوبر من الشهور التي لها مكانة خاصة في وعي وقلوب المصريين والأمة العربية، بل وكل محب لوطننا مصر، فهو شهر الانتصارات، واسترجاع الأرض، التي سُلبت منا في ستة أيام عام ١٩٦٧، واسترجعناها في ست ساعات يوم السادس من أكتوبر لعام ١٩٧٣ لمرحلة استمرت ست أعوام، عاشت فيها مصر مرحلة ما بين اليأس والرجاء، ومع تكرار الرقم ستة، كما ذكرته أربع مرات، أطلقت على حرب أكتوبر معجزة الأربع ستات لتكون أيقونة على إرادة وصمود المصريين وصبرهم وقدرتهم على استعادة بناء أنفسهم وعظمة قواتنا المسلحة المصرية، وتحمل المقاتل المصري ما لا يتحمله غيره.
شاهدنا منذ أيام تخريج دفعة جديدة من أبنائنا، أبناء هذا الوطن من الأكاديمية العسكرية، وبراعة هذا الحفل الذي حمل العديد من الرسائل المهمة للقاصي والداني، ولم أشاهد هذه الحفاوة في التفسيرات واستضافة المحللين، لتوضيح الرسائل العبقرية وقوة مصر، التي تمتع بها هذا الاحتفال العظيم لجموع الشعب المصري، فهذا نصر عظيم في ظل حرب تشن على عقول المصريين، ليأتي هذا الحفل، وما حمله من رسائل عسكرية، واستراتيجية مهمة حققت نصرا عظيما.
الصحافة هي إحدى الأدوات المهمة، التي تشكل وعي الأمة وتكتب حاضرها، الذي سيصبح فيما بعد تاريخا يسترشد به الاجيال القادمة، ففي ذكرى السادس من أكتوبر الذكرى الواحد والخمسين لحرب الكرامة والكبرياء المصري والعربي، أشاهد تريندا عن “مطعم” مثلًا، ولكن ما يستفز أن هذا قد جاء في يوم ننتظره من عام لعام، وكنت انتظر تريندًا يربط ما بين عبور الكرامة واسترداد الأرض في الماضي وعبور السيادة والإرادة في الحاضر لإشراك المصريين والشباب المصري في هذه الجهود وعبور الحاضر، وخلق التكاتف فمن ربط سيناء الحبيبة بالوادي من خلال الأنفاق والكباري العائمة ودخول السكك الحديدية بعد توقف دام لأكثر من نصف قرن، ومشاريع التعمير والتطوير التي جميعا نحتاج إلى هذه الجرعة المعنوية.
لا أكتب هذه الكلمات بصفتي متخصصا في التسويق السياسي، ولا بصفتي الرسمية، بل كمواطن غيور على بلده وعلى دماء فدت مصرنا، كمواطن مقدر للجهد والعرق الذي بذل في معركتي البناء والبقاء، كمواطن يعي جيدا حجم التكالب والتربص لوطننا الغالي، وأهمية التكاتف، ولبنة التكاتف الوعي والمكاشفة، حينها لن يقدر علينا متربص أو غاز، فبلاط صاحبة الجلالة المصري له شأن كبير، وطوبى لمن لم ينجرف في مثل هذه الكوميديا السوداء، ومن انجرف، فليراجع نفسه فقدسية السادس من أكتوبر من كل عام، وما تفعله الدولة المصرية والطريق إلى الجمهورية الجديدة وعبور الإرادة والسيادة عندى أسمى وأولى، فالوعي ثم الوعي ثم الوعي، وكل عام ومصرنا الحبيبة قيادة وشعبًا، وقواتنا المسلحة المصرية في عزة ونصر وشموخ، فما حدث في مثل هذا اليوم منذ واحد وخمسين عاما، لم ولن ينسى وأمانة حق شهدائنا ورثناها وسنورثها للأجيال القادمة. علينا الابتعاد عن “التريندات”، والأهم هو الحفاظ على القدسية الوطنية لأكتوبر وعظمة عبور استرداد الأرض والكرامة، ولندعم بلبنة الوعي العبور الثاني، والذي أطلق عليه عبور الإرادة السيادة، فنواة ضمير الأمة في وعيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.