د. محمد فضل يكتب | مصر.. حيث بدأ التاريخ

0

لطالما كانت مصر، في الأذهان والواقع، ليست مجرد دولة، بل هي نقطة انطلاق للحضارة الإنسانية ذاتها. فالتاريخ المصري القديم يظل دليلاً حياً وملموساً على عبقرية الإنسان، وتاريخها باقٍ كأعمدة الكرنك الشامخة، يقاوم عوادي الزمن ويشهد على ريادة لا يمكن تجاوزها بين الأمم.
إن الحضارة المصرية القديمة وتاريخها باقية بين الحضارات القديمة، والدليل على شموخ الإنسان المصري وتدوينه بالصورة والتحنيط ورسم القبور. كل رسمة منها تدل على إنجاز تاريخي كبير، ما يؤكد حقيقة لا تقبل الجدل: مصر بدأت ثم بدأ التاريخ، إن الدليل على هذا الشموخ ليس مجرد قصص تُروى، بل هو تاريخ مدوّن بالصور والتحنيط. فكل حجر في جدار معبد، وكل نقش على جدران المقابر، ليس مجرد زخرفة، بل هو وثيقة تاريخية تحكي قصة تقدم غير مسبوق في الهندسة والفلك والطب والإدارة. هذا التدوين الحجري هو ما يمنح الحضارة المصرية تفوقها الدائم. فبينما اندثرت سجلات حضارات أخرى، أو بقيت حبيسة الاكتشافات الجزئية، فإن التاريخ المصري محفور بأمانة على صخور أبية، وفي عصر مصر الحديثة، يجسد هذا التاريخ القديم هبة ومكانة بين الشعوب. إن هذا التاريخ غير موجود بنفس العمق والتكامل في الدول المتقدمة التي تفتقر إلى طبقات التعقيد والتراكم الحضاري الممتدة لسبعة آلاف عام بشكل متصل. هذا العمق يمنح الأمة هوية راسخة وجاذبية عالمية لا تضاهى.
هذا التاريخ المشرف هو قوتنا الناعمة، وموردنا الذي لا ينضب، ويؤكد على أن مصر لم تتخل عن دورها كـ “عاصمة للتراث القديم للعالم أجمع”. فالجهود المبذولة اليوم لترميم الآثار واكتشاف كنوزها الجديدة وعرضها في متاحف عالمية كالمتحف المصري الكبير، هي تجسيد عملي لربط الحاضر بالماضي، وتأكيد على الريادة التاريخية.
هنيئاً لبلدنا الحبيبة مصر بهذا التاريخ المشرف، وحفظ الله مصر وأهلها وشعبها العظيم ورئيسها المخلص للوطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.