د. ناصر الجيزاوي يكتب | الدراما بين الترفيه وتشكيل الوعي

0

ارتبط شهر رمضان المبارك على مدار عقود بالإنتاج الدرامي وصناعة المسلسلات، حيث شكل هذا الارتباط ظاهرة ثقافية واجتماعية تمتد تأثيراتها إلى مختلف شرائح الجمهور، ما يطرح تساؤلات حول الأدوار التي تلعبها الدراما التليفزيونية في تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات نظرًا لامتلاكها قدرة فريدة على التأثير العاطفي والفكري، ما يجعلها وسيلة مهمة لنقل القيم والأفكار والتجارب الحياتية.

التأثير الضخم للدراما التليفزيونية، يحتم عليها أن تعكس وتناقش مشكلات المجتمع وتحدياته- وهذا لا يتعارض مع دورها الترفيهي من خلال ما تقدمه من تسلية للمشاهدين- حيث تستطيع الدراما مناقشة الموضوعات الاجتماعية المختلفة، ما يمنح المشاهدين الفرصة لاستكشاف قضايا لم يكونوا على دراية بها من قبل. فمن خلال تجسيد شخصيات وأحداث من الحياة الواقعية، تساعد الدراما المشاهدين على رؤية العالم من زوايا مختلفة، ما يعزز لديهم التعاطف مع الآخرين ويدفعهم للتفكير النقدي في الظواهر الاجتماعية المختلفة.

إن طلاب الجامعات، جزء من جمهور المشاهدين، يتأثرون بالمحتوى المُقدم عبر الدراما التليفزيونية، لكنهم يتميزون عن جميع المشاهدين بكونهم في مرحلة عمرية حاسمة، تمثل مرحلة انتقالية في تكوين شخصيتهم وتطوير وعيهم النقدي، لذلك فإن الأعمال الدرامية، تساهم في تشكيل رؤيتهم للعالم، وتعزيز قدرتهم على فهم القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية بشكل أعمق مع تحفيز التفكير النقدي لديهم.

إنني أؤمن أن للدراما أدوارًا مهمة، تتكامل مع الدور التعليمي للجامعة، في غرس القيم الاجتماعية والأخلاقية، حيث تعكس العلاقات الإنسانية بمختلف تعقيداتها، وتبرز أهمية حب الوطن، والصدق، والتسامح، والعمل الجماعي، واحترام الآخر، والمواطنة وغيرها من القيم. ومن خلال مشاهدة الشخصيات الدرامية، تمر بتجارب أخلاقية معقدة، يتعلم الشباب دروسًا حول كيفية اتخاذ القرارات في الحياة الواقعية، ويكتسبون بذلك مهارات تساعدهم في التعامل مع التحديات.

لذلك، فإنه من الضروري، أن يكون هناك وعي بمدى تأثير الدراما على الأفراد، خاصة الشباب صغار السن، لتتم الاستفادة من هذه الأداة المؤثرة باعتبارها أداة ثقافية، تعزز من إدراك الشباب لأدوارهم في المجتمع، وتعمل على تحفيزهم، ليكونوا أكثر وعيًا وإيجابية في تعاملهم مع المشكلات والقضايا المجتمعية المختلفة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.