د.نانيس حامد تكتب | روح أكتوبر في سطور الحاضر
تطل علينا ذكرى السادس من أكتوبر، لا نستحضر مجرد يوم عسكري مجيد أو لحظة انتصار عابرة في تاريخ أمة، بل نعود إلى مدرسة كاملة في الإرادة والصمود وصناعة المستحيل. لقد كان عبور خط بارليف، بكل ما حمله من تحديات جسام، رسالة خالدة للأجيال: أن ما يُظن أنه غير ممكن، يمكن أن يتحقق حين تتوحد الإرادة وتلتحم القيادة بالشعب.
اليوم، ونحن نعيش مرحلة دقيقة من تاريخ مصر، حيث تتشابك التحديات الداخلية والخارجية، نستعيد روح أكتوبر لنعرف أن معارك التنمية والانتخابات وبناء المستقبل ليست أقل أهمية من معارك العبور. فالمقاتل الذي حفر بيديه طريق النصر بالأمس، هو ذاته الذي يُلهم المواطن اليوم ليصنع اختياره بوعي ومسؤولية، وليشارك في رسم خريطة الغد عبر صوته في صناديق الاقتراع.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يستحضر بطولات أكتوبر في خطاباته ومواقفه، لا ينظر إليها كتاريخ بعيد، بل كنبض حاضر ومستقبل. فكما التف الشعب حول قواته المسلحة عام 1973، يلتف اليوم حول مشروع وطني ضخم للنهضة والبناء، يضع مصر في موقعها المستحق بين الأمم. ورغم التحديات الاقتصادية والإقليمية التي تواجه الدولة، فإن الأمل يتجدد مع كل محطة انتخابية، ومع كل مشروع قومي يثبت أن روح أكتوبر لم تذبل، بل تتجدد في صورة تنمية، طرق، جسور، مدن جديدة، وأمل يتسع للأجيال القادمة.
الأبطال الذين عبروا القناة بالأمس بأجسادهم ودمائهم، هم القدوة للأبطال الذين يعبرون اليوم أزمات الواقع بعقولهم وصبرهم وعرقهم. من شهيدٍ روى الأرض بدمه إلى عاملٍ يرويها بعرقه، ومن مقاتلٍ دافع عن الحدود إلى شابٍ يشارك بصوته في الانتخابات، تكتمل حلقات معركة واحدة: معركة البقاء والكرامة.
إن السادس من أكتوبر ليس مجرد ذكرى، بل هو وعد متجدد بأن مصر تستطيع أن تواجه أي تحدٍ، وأن تصنع مستقبلها بيدها. وما الانتخابات القادمة إلا اختبار جديد لمدى قدرة الشعب على حماية حلمه وتحديد مصيره، تمامًا كما فعل في معركة العبور.
فروح أكتوبر هي العبور من الخوف إلى الأمل، ومن التحديات إلى الإنجاز، ومن الماضي إلى المستقبل. ولعل أعظم انتصار نحققه اليوم، هو أن نحمل هذه الروح في قلوبنا، ونحوّلها إلى فعل سياسي، تنموي، وإنساني، يكتب لمصر فصلًا جديدًا في كتاب المجد.