د. وليد عتلم يكتب | الانتخابات الرئاسية .. الكل فائز (1 – 2)

0

على خير انتهت أيام التصويت الثلاثة داخليا في انتخابات الرئاسة المصرية 2024، الانتخابات القوية تعني دولة قوية؛ والدولة القوية تعني مشاركة قوية، والمصريون أثبتوا أنهم شعب قوي، شعب يرفض الإملاءات والوصاية الخارجية، الشعب المصري رفض كافة وجميع دعوات المقاطعة، أو ما هيئ للبعض أنه تصويت عقابي، والكل احتشد أمام المقار واللجان الانتخابية في وعي وطني كبير بأهمية الاصطفاف والمشاركة لمجابهة التحديات داخليا وإقليميا وخارجياً.
المشاركة الكثيفة في انتخابات رئاسة 2024، والمرشحة لأن تكون هي الأعلى في تاريخ الدولة المصرية بنسبة مشاركة مرشحة لأن تتجاوز حاجز ال 60%، تشير إلى دلالات مهمة تتمثل في أن مشاركة المصريين الانتخابية تزداد كثافة كلما ارتفعت وتيرة التهديدات والتحديات المحيطة بالدولة المصرية كما حدث في انتخابات رئاسة 2014، التي حققت نسبة مشاركة هي الأعلى حتى الآن منذ يناير 2011، بنسبة تصويت 47.45% ، لذلك المشاركة الكثيفة من الشعب المصري في الانتخابات الرئاسية الحالية تعكس مدى تقدير المصريين لخطورة التحديات الذي تواجه الدولة المصرية، والوعي الكبير بتلك التحديات.
ورغم أن المشاركة المرتفعة تحقق نسبة مشاركة ننتقل معها من ترتيب أدنى 10 دول من حيث المشاركة السياسية وفقا لانتخابات مجلس النواب 2020، التي شهدت نسبة حضور وتصويت 29% فقط من الهيئة الناخبة المصرية. لكن أميل لعدم حصر مكتسبات الانتخابات الرئاسية في نسبة المشاركة التصويتية المرتفعة فقط. فالمكاسب عديدة؛ سياسياً، قانونياً، تنظيمياً وإدارياً، وعلى مستوى المدلول الشامل لمفهوم المشاركة السياسية الجامع وليس المشاركة الانتخابية فقط.
على المستوى السياسي؛ أعادت انتخابات 2024 الحيوية، وبثت الروح مجددا في الأحزاب السياسية المصرية، سواء الأحزاب الثلاثة التي دفعت بمرشحين، أو الأحزاب الأخرى التي انخرطت في الانتخابات بشكل أو بآخر، سواء عبر تأييد أحد المرشحين الأربعة، أو من خلال استعادة إحدى الوظائف الرئيسية للأحزاب السياسية المتمثلة في الحشد والتعبئة والتجنيد السياسي، وأيضاً فيما يتعلق بدور الأحزاب في عملية التنشئة السياسية ورفع مستويات الوعي والثقافة السياسية خاصة فيما يتعلق بعملية المشاركة التصويتية. وهي كلها تعود بفوائد جمة على الأحزاب السياسية المصرية التي عاد جزء كبير منها للنظر إلى أدواته ودينامياته الداخلية، قواعده الحزبية وتنظيمه، وهو ما نأمل معه أن تستمر تلك المراجعات وعمليات التحديث الحزبي لمختلف الأحزاب المصرية ما بعد الانتخابات الرئاسية لتكون مستعدة للمنافسة السياسية والانتخابية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
هذا التنوع السياسي و الأيديولوجي على مستوى المرشحين الحزبيين الذين استند كلا منهم إلى خلفية حزبية وأيديولوجية مختلفة، مثل عامل جذب أيضا للمشاركة الانتخابية الإيجابية والفاعلة، وكان قاعدة أساس لانتخابات تنافسية وتعددية.
من المكتسبات المهمة أيضاً عودة المجتمع المدني والأهلي مرة أخرى لملعب السياسية، والعودة لممارسة أحد أهم أدواره المجتمعية ممثلا في عملية التنشئة السياسية، ورفع الوعي، وتحسين المدركات، وهو دور مفتقد للمجتمع المدني والأهلي منذ سنوات عدة، كما كان الحال على مستوى الأحزاب السياسية المصرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.