د. وليد عتلم يكتب | دراما رمضان .. الأثر والرسالة

0

موسم مميز للدراما المصرية في شهر رمضان؛ قدمت لنا الدراما المصرية عامة، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على نحو خاص مجموعة متنوعة ومتميزة من الأعمال الفنية والدرامية، وكانت الأكثر اشتباكًا مع واقع وقضايا المجتمع، حيث العودة القوية للدراما الوطنية على مستوي الدور من حيث الأثر والتأثير وكذلك الرسالة، وهو الدور الفاعل للدراما كما يشير إدوارد برينان المحاضر المتخصص في شؤون الإعلام في جامعة دبلن التكنولوجية، الذي يذهب في إحدي دراساته إلى أن “الدراما التليفزيونية على وجه الخصوص لها أهمية كبيرة في سياق علاقتها بالمجتمع” حيث تلعب الدراما دورًا لا يستهان به في تشكيل الوعي الجماهيرى، برينان أوضح أيضًا أن الدراما هي لسان حال الأيديولوجيات المسيطرة على المجتمع، ومن هذا المنظور تستطيع الدراما أن تركز أو تتجاهل الكثير من القضايا التي يفضل أصحاب رؤوس الأموال غض النظر عنها مثل قضايا: النساء والمهمشين.
“تحت الوصاية” و “رسالة الإمام” رغم إنهما كانا الأكثر نقدًا وهجومًا تحت مقصلة السوشيال ميديا، إلا أنهما كانا الأكثر تأثيرًا على مستوي الرسالة وكشف الواقع، “رسالة الإمام” حمل رسالة العلم، وضرورة التفكير، البحث والتحديث، في مواجهة الجمود الفكرى، والتطرف والتعصب للأفكار والآراء، في دعوة مباشرة لتعزيز قيم التفكير والفهم وإعمال العقل، وأهمية الاختلاف كما جاء في سياق حلقاته من قوله “كل ما أقوله ولا تشهد عليه عقولكم لا تأخذوه”، وكذلك “رأي واحد لا ينفع” و “لا يفتي في دين الله إلا من حاز أدوات هذا العلم” وهي واحدة من أهم وأخطر رسائل العمل في وقت نواجه فيه شيوع ظاهرة دعاة الـ “TikTok” الذين يتبارون للفتوي دون إلمام واضح بصحيح الدين، أو امتلاك الحد الأدني من العلوم الشرعية والفقهية.
أما “تحت الوصاية” فجاء صادمًا عاكسًا لواقع نعيشه لكننا نتواري منه، وهو عمل جاء في وقته ونحن مقبلون على تشريع جديد لقانون الأحوال الشخصية، وهو ما أظهره العمل من مر الحاجة لتحديث وتطوير تشريعي شامل يتسق وواقع العصر وقضاياه الحديثة التي لا تتفق والقوانين البالية التي تجاوزها الزمن وكأنها من المسلمات أو المقدسات التي لا يجوز المساس بها، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل الوصايا، وعمل المرأة وغيرها من القضايا التي لا يزال يتجاهلها المجتمع ويرفض الاصطدام بها رغم مرارتها.
هنا أعود لدراسة للدكتورة رشا حمودة المدرس بقسم الاجتماع بجامعة المنصورة، والمعنونة بـ ” دور الدراما التليفزيونية في تشكيل اتجاهات الشباب نحو العمل”، والتي استندت فيها إلى دراسة ميدانية على عينة من الشباب المصري، وهي دراسة تمت في أكتوبر 2021، وانتهت في نتائجها إلى إن أدوار الدراما التليفزيونية في تشكيل اتجاهات الشباب نحو عمل المرأة، اتسمت جميعها بالطابع السلبى، وهو ما يدلل بوضوح على استمرار الواقع والمدركات الصادمة لتلك القضايا في مجتمعنا.
لذلك فكل من “تحت الوصاية” و “رسالة الإمام” يستحقان جائزة الأفضل في موسم رمضان الدرامى، وليس أفضل من كلمات ألبرت شفيق رئيس قطاع التليفزيون بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تقر منهجًا جديدًا للدراما المصرية فيما يتعلق بفاعلية الدور والتأثير، والذي كتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، قائلا:” دراما يعني قضية (سيناريو – تمثيل – إخراج) = تأثير “تحت الوصاية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.