رؤوف السيد يكتب | تعديلات قانون الايجار القديم .. وعدالة التطبيق
لا ريب فإن الدولة المصرية باتت تقف الان على أعتاب “جمهورية جديدة”، جمهورية تتغير فيها كثير من المفاهيم والمورثات القديمة، خاصة إبان التعامل والتعاطي مع الازمات والمشاكل المزمنة من القضايا التي تطرح نفسها على المشهد العام، تفاصيل كثيرة نراها كل يوم تحمل في ثناياها فكر وعلم ووعي، يؤكد اننا بتنا امام مرحلة مفصلية، وتاريخ جديد يكتب لهذا الوطن الخالد.
لعل قضية ” الايجار القديم ” والتعديلات المقترحة من جانب الحكومة علي قانون ينظمه منذ عقود، قضية من أهم القضايا والملفات الصعبة بل والملغومة، العالقة في دواوين الحكومات السالفة وداخل أدراجها علي مر عصور دابرة، لم يجرؤ احد علي المساس بها ربما لخوف من تداعياتها، او ربما لـ عجز عن ايجاد حلول بديلة تنهي هذا الاثر العالق من دهر مضي .
الآن تغيرت الاوضاع وتبدلت النظرة، ويبدو ان النهاية الرسمية لأبرز أزمات السكن الأزلية باتت وشيكة، في ظل تحرك حكومي بائن يضع معايير مسبقة تضمن عدالة التطبيق، عدالة لا تضر مستأجر ولا تؤذي مالك، حقيقة اعجبني بل واقنعني ما طرحته الحكومة من وعود وتعهدات مطمئنة، وعود احسب انها تفك ألغام حول ملف مازال بالغ التعقيد والحساسية .
فقد تعهدت الحكومة بأنها لن تترك أحدا في العراء عند تعديل نظام السكن وفق قانون الايجار القديم، تعهدت بتوفير مسكنا بديلا لمن لا يتمكن من توفير مسكن خلال الفترة الانتقالية، تعهدت بوضع نظامين واحد للتمليك وآخر للإيجار، ليس هذا فحسب فقد تعهدت الحكومة ايضًا بأنها ستعفي المستأجر من دفع أي مبالغ مقدمة في إطار تخفيف الأعباء على المؤجر، أثناء الفترة الانتقالية لتحرير عقد الايجار الانتقالي، التي ربما تتجاوز مدته الـ 5 سنوات، خلاصة القول بات واضحًا ان الدولاب الحكومي بداخله صيغة قانونية تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، صيغة تضمن حلا عادلًا يراعي كافة الشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجًا أو تضررًا من تعديلات القانون .
إرادة الدولة واضحة لحل الأزمة العالقة منذ سنون طوال، وما من بُد امامها الا باقتحام ذاك الملف الموروث، والتعامل معه وفق المتغيرات المجتمعية وصولًا لحلول جذرية، ووضع نهاية أبدية، نهاية تتناسب مع ظروف التركيبة السكانية المتضررة، وحسم خلافات شهدتها ساحات المحاكم ظلّت لعشرات السنوات بين اطراف متنازعة الي ما لا نهاية .
وفي الختام تبقي كلمة حق لابد من قولها: لا يمكن ابدًا نكران ظلم بيّن واقع على الغالبية العظمي من الملاك في ظل وجود مستأجرين يمكثون في وحدات سكنية بجنيهات زهيدة، وملاكها يتسولون، وربما لا يجدون حتى قوت يومهم رغم ما يمتلكونه من عقارات وشقق سكنية، قيمتها السوقية تقدر بالملايين، وقيمتها الايجارية نصا لآلاف الجنيهات شهريًا. حسنًا فعلت الحكومة عندما ايقنت بأن الأوان قد آن لانهاء ملف ملغوم منذ عقود طويلة.
* رؤوف السيد، رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية.