راجية الفقي تكتب | إدارة المواهب
منذ بداية السبعينيات ظهر مفهوم جديد في الدول المتقدمة وهو إدارة الموارد البشرية على إدارة القوى العاملة والاهتمام فقط بالامور الاجرائية وتسيير شؤون العاملين إلى مفهوم أكثر حداثة وشمول يهتم بتحليل العوامل البشريه ودعم المؤسسة بالكفاءات المناسبة وتعزيز ثقافه المؤسسه وهذا بعد إثبات افتقار ادارة الأفراد للقيام بالدور الاستراتيجي في المؤسسة والاقتصار على لعب الادوار ذات الطابع الإداري.
مع تطور أليات العمل وشراسة المنافسة في كل المجالات والثورة التكنولوجية الحديثة تطور أيضًا مفهوم الموارد البشرية والذي يهدف الى توظيف الاشخاص ذوي الكفاءة وادارتهم بفاعليه لتحقيق أهداف وسياسات المؤسسة وأصبح هناك مهمه جديدة ومميزة لإدارة الموارد البشرية وهي ادارة المواهب والتى تعمل على تطوير الموظفين وتحديد مساراتهم الوظيفيه وبرامج تدريب خاصة بهم.
من هنا نجد أن إدارة المواهب ما هي الا عمليه مستمرة تضمن جذب موظفين ذوي كفاءة عالية والاحتفاظ بهم، وتطوير مهاراتهم، وتحفيزهم باستمرار على تحسين أدائهم، وذلك لتحقيق أهداف العمل الاستراتيجية.
لم تكتفي المؤسسات الكبيرة بوجود ادارة للموارد البشرية داخل هيكلها الادارى فحسب ولكن انشأت ادارة خاصة بالمواهب لها استراتيجية محددة تلك الاستراتيجية مُعده خصيصًا للمؤسسة وتختلف من مؤسسة الى اخرى وفقًا لطبيعتها ونوع التخصصات العامله بها.
تتعامل تلك المؤسسات مع موظيفها باعتبارهم أهم أصول المؤسسة وبالتالي على تلك الادارة الحديثة ان تعظم من قيمة هؤلاء الموظفين بل وتجذب المواهب المتخصصة وتحتفظ بهم وتحسن الاداء العام للمؤسسة، هناك العديد من الدراسات الحديثة في علوم ادارة الموارد البشرية وادارة المواهب تحدثت عن أهمية هذا الكيان في المؤسسات وكيف أنه يساعد على تحسين الاداء بشكل عام والبقاء في دائرة المنافسة والابتكار وهذا بوجود موظفين قادرين على ايجاد طرق مبتكره في حل المشكلات.
هنا يكون السؤال: من هو المسؤول عن ادارة المواهب داخل أي مؤسسة؟ وقد يتخيل البعض أنها مسؤوليه الادارة العليا صاحبه القرار في اختيار الافضل من الموظفين او المتخصصين ولكن الواقع الفغلي أثبت انها مشؤوليه مشتركه تتطور الى ان تصبح ثقافه مؤسسية فتطبيق استراتيجية ادارة المواهب يتطلب مشاركه على مستوى المؤسسة حيث يجب على قادة الفريق تحديد الموظفين ذوي الإمكانات العالية وتلبية احتياجاتهم التدريبية . وذلك بالتوازي مع مسؤوليه الإدارة العليا في تعزيز ثقافة التعلم في المؤسسة وياتي بعد ذلك مهمة فريق إدارة المواهب وهي تطوير الموظفين.
ويتسأل المهتم عن وجود نموذج محدد لادارة المواهب والاجابه هنا لا ، فكل مؤسسة لها طبيعه مختلفه وتحتاج لكفاءات مختلفه ولكن هناك أطر عامة لإعداد نماذج ادارة المواهب تشمل التخطيط السليم الذي يتناسب مع اهداف المؤسسة وذلك بالبحث عن المواهب ذات المهاره المناسبة بالاضافه الى تقييم الموظفين الحاليين لمعرفة قدراتهم وأيضا توفير معايير لجذب المواهب والحفاظ عليها خاصة مع وجود المنافسة الشديدة ويتضمن جزء التطوير في أي نموذج اتخاذ خطوات لمساعدة المواهب على النمو داخل المؤسسة وتوسيع مهارات الموظفين المتميزين والاحتفاظ بهم وتعزيز ثقافة المؤسسة ومن أهم النقاط التي يجب أن يشملها النموذج هي ما يسمى بادارة المعرفة داخل المؤسسة وتعد استراتيجية إدارة المواهب هى المفتاح بل العنصر السحري وراء إدارة مواهب المؤسسة، ويمكن اعتبارها خطة عمل لتحسين أداء الموظف و هناك عدة أنواع مختلفة من الاستراتيجيات التى تنتهجها ادارة المواهب فمنها استراتيجية لتوظيف أفضل الموظفين فقط واخرى لتعيين متخصصين واعيين وتطويرهم ولكل منهما مزايا مختلفه وتظل افضل الاستراتيجيات هي التى تجمع بين الاثنين والتي يمكن أن نصفها بانها تحقق المقولة الاتية “قوة فريقك ليست دالة على موهبة الأعضاء الفرديين. إنها دالة على تعاونهم ومثابرتهم واحترامهم المتبادل”، فهى تتيح الاستفادة من مزيج من التعيينات الجديدة والمواهب الحالية مما يؤدي إلى نقل المعرفة ويمكن لأفضل المواهب تعليم الموظفين الآخرين.