رحاب عبدالله تكتب | حقوق إنسان ساكسونيا

0

منذ ٢٠١٣ وتتنافس الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في التنديد بملف حقوق الإنسان في مصر بعد أن تم الإطاحة بنظام جماعة الإخوان الإرهابية والتي يبدو أن وجودها على رأس السلطة كان يخدم المصالح الأوروبية والأمريكية والتي تجلت حاليا في المخطط الإسرائيلي لتهجير أهالي غزة نحو سيناء وهو المخطط الذي وقف له النظام الحالي بالمرصاد مؤكداً أن سيناء ” خط أحمر”.
فبلغ الضغط على مصر إلى حد مطالبة أعضاء بارزين بالكونجرس الأمريكي بحجب المعونة العسكرية الأمريكية والمنصوص عليها في معاهدة السلام مع إسرائيل بحجة أن مصر تنتهك حقوق الإنسان كما انتفض البرلمان الأوروبي ضد حقوق الإنسان في مصر وطالب أعضاء بارزين في البرلمان الإيطالي بوقف بيع الأسلحة لمصر بدعوى استخدامها في قمع المعارضة كما طالب بعضهم بقطع العلاقات الاقتصادية مع مصر والتنديد بالتعاون بين شركة ايني الإيطالية ومصر في مجال الغاز الطبيعي.
كل هذه التحركات من قبل كبرى الجهات النافذة الأوروبية والأمريكية لأن مصر تسجن معارضين لو نظرنا سنجد أغلبهم ينتمون للجماعات الإرهابية أو ارتكبوا أعمالا من شأنها خدمة مصالح هذه الجماعات سواء عن عمد أو بدون.
وبالنظر لما يحدث في غزة حاليا فلا نسمع صوت أي من هؤلاء يطالب إسرائيل بالنظر لحقوق الإنسان في غزة الذين تجاوزوا كافة الخصوط الحمراء فيما يعرف بقانون حقوق الإنسان الذي تم نصبه كسلاح في وجه النظام المصري الحالي، فامتد إجرامهم إلى حد قتل الآلاف المدنيين والأطفال والنساء ومنع المصابين من تلقي العلاج بهدم المستشفيات فوق رؤسهم ومؤخرا قرأت تقريرا عن معاناة الحوامل في وضع مولودهم في مثل تلك الظروف الوحشية، إضافة إلى ذلك ترفض إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتطيل من إجراءات التفتيش والتنعت في دخول بعض السلع بحجة استخدامها في صناعة القنابل لدرجة أنهم منعوا دخول شحنة تضم حفاضات للأطفال تحت هذا السبب.
كل تلك المجازر والانتهاكات رد عليها الكونجرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي والبرلمان الإيطالي بإدانة حماس وإعلان دعم بلادهم لإسرائيل بل أن أمريكا صرحت علنا أنها ستواصل دعم إسرائيل بالسلاح وبكل الطرق لحين تحقيقها النصر على حماس، ثم عندما نتحدث عن مصر يتحدثون عن حقوق الإنسان فأين حقوق الإنسان فيما يحدث في غزة.
إن هذا الموقف من قبل أوروبا و أمريكا يذكرني بمقولة عادل إمام أمام المحكمة في فيلم الغول حين تم الحكم ببراءة فهمي الكاشف صارخا ” قانون ساكسونيا”.. نعم إن الغرب وأمريكا يطبقون حقوق إنسان ساكسونيا فعندما يكون ضد مصالحهم يتم تصنيف الدولة في القائمة السوداء في هذا الملف أما إن كانت الدولة صديقة فلتقتل وتعذب وتجوع الشعب ولا تحدثني وقتها عن حقوق الإنسان.
ولا ننسى أن قانون ساكسونيا هو بالأساس اختراع أوروبي حيث نشأ في ولاية ساكسونيا في ألمانيا في العصور الوسطى وكان يفرق في العقوبة بين الفقراء وطبقة النبلاء فالفقراء إن قتلوا تقطع رؤوسهم وإن سرقوا تقطع أيديهم وإن حكم عليهم بالسجن أو الجلد سجنوا وجلدوا أمام الجميع، أما النبلاء فيعاقب ظلهم في الشمس بقطع الرأس أو اليد أو الجلد وفقا لما ارتكبه ويظل جسده سليما يسخر ممن حوله وإن دخل السجن أمامهم يخرج من الباب الخلفي.
أنا لا أنفي أن ملف حقوق الإنسان والحريات في بلادنا لا يزال بحاجة إلى إعادة النظر وأن الطريق أمامنا طويل في هذا الشأن ولكننا يجب أن نصلح أنفسنا بأنفسنا ولا ننتظر الدعم من أحد، لأنه كما يبدو فإن أوروبا وأمريكا وإن ادعتا ظاهريا الدفاع عن حقوق الإنسان إلا أنها لاتزال تؤمن بقانون ساكسونيا بل وتطبقه بحذافيره.. فلا يغرنا حديثهم الكاذب عن حقوق الإنسان فهو في النهاية لا يزال يخضع لقانون ساكسونيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.