رحاب عبدالله يكتب | كن ممتنا لـ ٣٠ يونيو

0

من خلال إلقاء نظرة سريعة على الأوضاع المحيطة بنا، وعلى منطقتنا التي تمر حقا بظروف استثنائية، سنجد‌
أنفسنا ندين بالامتنان لثورة ‌30 يونيو العظيمة، التي لم أعد أنظر إليها كثورة أرادت تحقيق مجموعة من‌
المطالب، أو تحسين أوضاع المواطنين للأفضل، بل بت أراها معجزة أنقذت الوطن من مصير مظلم، ومن‌
مخطط شيطاني، كان يحاك له.
إن صعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى السلطة في ‌،2012 لم يكن وليد الصدفة، وإنما كان جزءا من‌
المخطط الشيطاني لنشر الفوضى في بلادنا وإغراقها في حرب أهلية دموية، لتنهار قوتها، وتستباح أرضها من‌ قوى الاحتلال، التي باتت تعيد تشكيل الشرق الأوسط، وفقا لرؤيتها التي تحقق أطماعها.
وكما فعلت الأنظمة المتطرفة في البلاد التي استولت عليها عقب ما سُمي” بالربيع العربي”، حيث تركت‌ الأرض لقوى الاستعمار الخارجي، ووكيلتها في الشرق الأوسط، دولة الاحتلال الإسرائيلي، تستولي وتغتصب‌ أرضها، بينما وُجهت أسلحتهم لصدور ورقاب أبناء وطنهم، كان من المخطط، أن يتكرر هذا السيناريو بمصر‌،
فيكون الشغل الشاغل لجماعة الإخوان الإرهابية، هو القضاء على المعارضة المصرية، وعلى أي صوت يهدد‌ هذا النظام الفاشي، والتحالف مع دول الاستعمار للحفاظ على بقائهم في السلطة، حتى لو كان الثمن منح‌ سيناء للعدو الصهيوني، لتنفيذ مخطط التهجير، ومن ثم تبادل إطلاق النيران بين الحركات المسلحة بغزة ودولة‌ الاحتلال من أرض سيناء، لتتورط مصر في تلك الحرب التي عصفت بجمبع دول المنطقة.‌‌
من خلال تلك النظرة، يتضح الأسباب التي دفعت أمريكا ومختلف دول أوروبا للنظر إلى ثورة ‌30 يونيو‌
بحسرة ووصفها بالانقلاب العسكري متجاهلين الملايين التي خرجت للشوارع، تطالب الجيش المصري بالتدخل‌ وإنقاذ الوطن، كما يفسر العداء الشديد للنظام المصري والتلويح دائما بملف حقوق الإنسان في محاولة‌
للضغط على البلاد، وكما كشفت الأحداث، فتلك الدول غير معنية بحقوق الإنسان من الأساس فهي تركت‌ أطفال ونساء وشيوخ غزة، يموتون تحت القصف وهم يعانون الجوع والعطش تحت حصار بربري فرضته دولة‌ الاحتلال الإسرائيلي، دون أن تجد من يدين انتهاكها لحقوق الإنسان المزعومة، والتي تبين أنها تكال بمكيالين‌، وفقا لمصالح القوى العظمى، أو قوى الاستعمار الجديد، كما أسميها.
أذكر يوم ‌30 يونيو، خرجت في الصباح، وأنا أخشى أن لا يكون عدد المتظاهرين كافيا لإسقاط دولة محمد‌
بديع، وخيرت الشاطر، لكني بمجرد نزولي للشارع شممت رائحة الحرية، وشاهدت حتى المحال والورش، وهي‌
ترفع كارت أحمر في وجه محمد مرسي، وعلم مصر يرفرف من شرفات كثيرة، فتحمست، وانطلقت في انتظار‌ التجمعات، وأنا لا أزال خائفة حتى شاهدت طائرات الجيش، وهي تحلق فوقنا، وكأنها تبعث إلينا برسالة فحواها “‌لا تخافوا أنتم في أمان”، ثم فوجئت أن هذا ليس شعوري وحدي، فقد كان تفاعل المواطنين مع تحليق الطائرات‌
العسكرية شيئا مبهرا.
إن معجزة ‌30 يونيو لم تنجح في استرداد مصر، فحسب بل خلصتها من كيان إرهابي، كان يسعى لدفنها ‌100 عام على الأقل، وقد قضت قواتنا المسلحة والشرطة المصرية سنوات طويلة، لتقتلع جذور الإرهاب التي‌ غرستها سنة حكم واحدة للإخوان المسلمين في حرب شرسة دفع عشرات الضحايا من شباب الجيش والشرطة‌
حياتهم، حتى ننعم بالأمان الذي نحن فيه الآن.
وما زالت الأقنعة تتساقط والأنظمة تتهاوى، بينما تثبت ‌30 يونيو يوما بعد يوم أنها المعجزة، التي أنقذت مصر‌
من مصير مشئوم وجعلتها الدولة الوحيدة الباقية بالمنطقة واليوم بعد ‌12 سنة، يجب أن نتأمل حولنا وندين‌ بالامتنان لـ‌30 يونيو، ولجيشنا العظيم، الذي أثبت أنه خير جيوش الأرض، وحصن هذا الوطن، ولو كره‌
الكارهون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.