رضا سليمان يكتب | أنت جندي في مكانك
“أنت جندي في مكانك” يتردد صدى هذه الكلمات في رأسي بشكل مستمر، مخاطبًا بها نفسي.
أتحدث بها إلى هذا الشخص الذي يجسدني ويمثلني على هذه الأرض، أرض مصر، وكم وددتُ
أن أتحدث بها إلى كل مواطن مصري، أقول له: “أنت جندي في مكانك”.
وإن كانت هذه الجملة لا تحتاج إلى شرح أو توصيف، فهي واضحة كما شمس أغسطس. لكننا
في حاجة إلى وصف أهميتها وضروريتها في المرحلة الراهنة، مرحلة الحروب التي تجتاح
المنطقة.
في أوقات الحروب والأزمات بوجه عام، تظهر الجرذان والطفيليات، تخرج من جحورها
لتستغل زيادة الطلب المحتملة على بعض السلع، وانشغال الجهات الرقابية بالأحداث الجِسام التي
تمر بها المنطقة.
هنا يظهر المعدن الحقيقي للإنسان “المصري”، وكأن كلمة “المصري” وصف لجينات خاصة
بنا لا يشاركنا فيها أحد على سطح الكوكب. هذه الجينات تقول: “أنت جندي في مكانك”،
والجندي تعني، إلى جانب مواجهة المخاطر، التضحية بالنفس من أجل الوطن.
مواجهة الجرذان ضرورة، وترويضها حتمي، فهي رغم قلة عددها، قد تسبب أضرارًا كبيرة
لدرجة أنها، مع عوامل أخرى، قد تحرق أرضًا وتهدم وطنًا. والمواجهة ليست من الجهات
الرقابية فقط، بل من كل فرد.
فأنت أيها المواطن، حينما لا تُسارع لتخزين بعض السلع في وقت الأزمات، فأنت هنا جندي
يواجه عدوًا حقيقيًا. عندما تحافظ على ممتلكاتك، والممتلكات العامة، تقوم بدور حيوي جدًا وهو
المقاومة الإيجابية. الحفاظ عليها يوفر جهودًا عظيمة توجه إلى جوانب أخرى أكثر أهمية في
وقت الأزمة.
وعندما تقتصد في مصروفاتك الشخصية، وتتعامل وأسرتك مع الأساسيات والضروريات، فأنت
تحافظ على رأس مالك، ورأس مال بلدك في النهاية. العيش معتدلًا بالنسبة للوطن أفضل بكثير
من أن تكون عبئًا عليه.
وأنت حينما تُظهر محبتك لوطنك، تخاف عليه، وتشك في كل فعل يضر البلاد، وتقوم بتوجيهه،
وتبلغ عن أي شطط، فأنت تحافظ على نفسك، وأسرتك، ووطنك من خونة الداخل والمحبِطين
الذين يعيشون بيننا.
ومهام الجندية التي يجب أن يتبناها كل المواطنين كثيرة، ولا يمكن حصرها في مقال صغير.
لكنني أُنهي بأنك، أيها المواطن، حينما تُتقن عملك مهما كان، فأنت تقوم بدور عظيم. أنت تبني،
أنت تساعد، أنت لا تهدم، بل تُخفف الأعباء عن كاهل الدولة كي تستطيع توجيه طاقتها
للتصدي، والهجوم الرادع إن تطلب الأمر.
لا تُقلل من شأن نفسك، لا تقلل من أهمية وظيفتك وعملك، ولا تُقلل من رأيك وتوجيهك حتى
في محيط أسرتك. فلنتحد جميعًا كجنود في مواجهة التحديات