رولا صبحي تكتب | أمريكا وانتهاكات حقوق الإنسان

0

ما يجري في الولايات المتحدة اليوم يتجاوز مجرد “تجاوزات فردية” أو “سوء إدارة”. نحن أمام سياسة‌
ممنهجة تنتهك حقوق الإنسان باسم الأمن، والسيادة، والمصلحة القومية.
أمريكا التي قدمت نفسها كـ”حامية القيم الليبرالية” باتت تطبق سياسة قائمة على القمع والعنصرية والتمييز‌
المؤسسي. وهذه السياسات لا تُمارَس في الخفاء، بل تُنَفَّذ بغطاء قانوني وإعلامي مكثف، يُطمس من‌
خلاله صوت الضحايا.
إن حقوق الإنسان ليست شعارات انتخابية، ولا وسيلة لتبرير التدخلات الخارجية، بل مسؤولية قانونية‌
وأخلاقية. والولايات المتحدة، بسياساتها الحالية، لا تحترم هذه المبادئ، بل تبني نفوذها على أنقاضها، وعلى‌
جثث الناس حرفيًا.
رغم ما ترفعه الولايات المتحدة من شعارات حول الديمقراطية، والحرية، وحماية حقوق الإنسان، تكشف‌
السياسات الواقعية – وخاصة في السنوات الأخيرة – عن فجوة صارخة بين الخطاب والممارسة.
سواء في الداخل الأمريكي أو في ممارساتها الدولية، تتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في ملف الهجرة،‌
لتتحول سياسات الولايات المتحدة إلى أدوات قمع وتهميش تنتهك أبسط المبادئ الإنسانية، ما جعل من عبارة‌
“السياسة على جثث الناس” توصيفًا دقيقًا ومفجعًا لما يجري على الأرض.
وظهرت أبرز الانتهاكات فيما يخص حقوق الانسان
الاعتقال الجماعي في ظروف لا إنسانية: مراكز احتجاز تفتقر لأدنى معايير الصحة والنظافة، وتفشي الأمراض،‌
وسوء المعاملة.
العزل الانفرادي لمئات المهاجرين لأشهر، رغم تحذيرات الأمم المتحدة من أن هذا الإجراء يرقى للتعذيب.
الاحتجاز التعسفي للأطفال وفصلهم عن أسرهم، دون ضمانات قانونية، مما يُشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية‌
حقوق الطفل.
واخيرا الغازات الأخيرة في لوس أنجلوس وتدخل الحرس الوطني
التى تم فيها اعتقالات دون أوامر قضائية بحق ‌45 شخصًا على الأقل، ما أثار احتجاجات واسعة ضد ما وصف‌
بـ”القمع الاستبدادي”‌
تصاعدت الاحتجاجات بسرعة لتصل إلى حشد حوالى ‌400 متظاهر، شهدت مواجهات مع الشرطة واستخدام‌
القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع .
وجاء أمر الرئيس ترامب بتفعيل ‌2000 عنصر من الحرس الوطني الفدرالي إلى لوس أنجلوس، ما أثار‌
اتهامات بالتعدّي على صلاحيات الولاية واعتداء على الحريات المدنية .
وايضا سان أنطونيو (تكساس): خرج ‌300 شخص في مظاهرة ضد الاعتقالات داخل محاكم الهجرة، معتبرين‌
تلك الممارسات “انتهاكًا صارخًا للحقوق الدستورية” .
وسان فرانسيسكو: شهدت مظاهرة سلمية ثم تحوّلت لاشتباك أدّى إلى توقيف ‌60 شخصًا، بينهم قاصرين،‌
نتيجة استخدام الغاز المسيل للدموع والقوة ضد المتظاهرين
هذه الأحداث كلها تُجمِع على أن ما يحدث ليس إخفاقًا إداريًا عرضيًّا، بل سياسات ممنهجة تعتدي على كيان‌
الديمقراطية والعدالة، وتحوّل السياسة إلى أدوات قمعية تحت مسميات مثل “الأمن القومي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.