زهران جلال يكتب | التشريع الرشيد في قانون الإجراءات الجنائية

0

شكلت قضية تحديث واستكمال البنية التشريعية توجها أساسيًا للرئيس عبدالفتاح السيسي ،وارتكزت الجمهورية الجديدة على ضرورة تطوير التشريعات والقوانين لتواكب حركة التغيير فى المجتمع المصرى فى مختلف المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وسد بعض الثغرات التشريعية لإنجاح برنامج الإصلاح، والتطور والتنمية. من هذا المنطلق وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتخفيض الحدود القصوى لمدة الحبس الإحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الإحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول إلى عقوبة ، وحث على أهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

لاقت هذه التوجيهات استحسانًا كبيرًا لما لها من آثار طيبة تدعم الحقوق والحريات ، وعلي ماحثت عليه المعايير الحاكمة للتشريع بأن يكون ترتيب شئون المجتمع على نحو يتسم بالجدية والرشد والعقلانية، ويعبر عن المصالح الإجتماعية الراجحة في المجتمع. وفي الوقت الذي يُترقب أن تتضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية توصيات “الحوار “، التي وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذها فيما يتعلق بتخفيف قواعد «الحبس الاحتياطي».. كشفت اللجان المشكلة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن مواده التي لاقت اعتراضات وتحفظات واسعة من أطراف عدة.

يبدوا أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية لم ينل الوقت الكافي من النقد والتحليل رغم أهميته الكبيرة ،مما أثار حفيظة نقابة المحامين وكذلك نقابة الصحفيين من بعض المواد . حالة القلق التي انتابت المجتمع بعد انتفاضة نقابة المحامين ، وكذلك ، نقابة الصحفيين ضد القانون تنسحب الي المواطنين والمجتمع بأثره.

إن أهمية قانون الإجراءات الجنائية تكمن في أنه العمود الرئيسي لمنظومة العدالة ودستورها.. فضلاً عن أنه أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات في جميع مراحل التقاضي، وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة. وهو ما يقتضي منا جميعًا أن يتم طرحه لنقاش جاد وتفصيلي تشارك فيه جميع الأطراف والمؤسسات المعنية. لا يمكن أن يتم تمرير قانون بهذه الأهمية، دون نقاش عام، و طرح المشروع لحوار مجتمعى شامل، تشارك فيه كل أركان منظومة العدالة، والمواطنين، وممثليهم والمؤسسات المعنية بالحقوق العامة، وينل الوقت الكافي من النقد والتحليل.

إن جوهر التشريع الرشيد يقوم علي الموازنة بين المصالح بما يحقق التوفيق بينها إلي أقصى حد مستطاع، ويحقق المستهدف بالتشريع، وهو تحقيق الخير للمجموع ،ونزوعا به إلى العدل المطلق قدر الإمكان لتنظيم العلاقات الاجتماعية، وهو ما يهدف إلى العمومية والتجريد من الناحية العملية، ويراعي المصالح المتعددة لجميع الأطراف المعنية بقانون الأجراءات الجنائية. التشريع هو حجر الزاوية فى النظام الديمقراطى، والقانون يحكم كل شئ ويرتفع فوق الأشخاص مهما علا قدرهم وأرتفع شأنهم، فهو الفيصل بين الحق والباطل، والمباح والمحرم، والمصلحة والضرر والصحيح والباطل، وهو المعيار الذى يصنعه المجتمع على هدى معتقداته وقيمه وتقاليده، لصيانة حركته للأمام، وحمايته من الفتن ومعاول الهدم والضلال وهو الأساس الصلب الذى تقوم عليه عملية الإصلاح الإجتماعى فى شتى صورها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.