زياد عبد المنعم عبيد يكتب | مصر أرض الموارد والكنوز
شيد الاسكندر المقدوني أعظم مدنه الاسكندرية في هذه البقعة العبقرية على هذا الساحل واعتبر الرومان هذا الحزام الساحلي لمصر سلة الغلال والفاكهة للإمبراطورية الرومانية، وماذا فعلنا نحن منذئذ؟ يُعد الشكل الحالي المؤسف الذي انتهي اليه الساحل الشمالي الممتد من مدينة الاسكندرية الي مدينة السلوم مرورًا بمدينة الحمام ومدينة سيدي عبد الرحمن ومدينة مرسي مطروح، نتيجة مباشرة لسوء التخطيط والتنظيم وهو انعكاس صارخ لإهدار الموارد والإمكانيات. كيف أهدرت هذه المساحة العبقرية من أفضل سواحل البحر الابيض المتوسط لتصبح مجموعة من المباني الأسمنتية الرثة على هيئة شاليهات وفيلات لا يُستفاد منها بالكاد إلا ثلاثة إلي أربعة أشهر سنويًا.
تُعد تربة الساحل الشمالي من أكثر الأراضي خصوبة وتتميز منتجاتها الزراعية بالجودة الفائقة وذلك لاستخدام الري بمياه الأمطار وهو ما يجب تعظيم الاستفادة منه والعمل على خلق شبكة تجميع مياه أمطار الساحل الشمالي والاستثمار في إنشاء خزانات جوفية وآبار ووضع خطة محكمة لتجميع كل نقطة مياه ممكنة للاستفادة منها في عمليات زراعة مكثفة للشريط الساحلي بعمق من 10-30 كم.
المقارنة هنا تعقد مع الدول التي حرصت على تنمية سواحلها بشكل عصري ومستدام. ولا يمكن أن نحرم نفسنا من السؤال ماذا لو كان الساحل الشمالي في اليابان؟ أعتقد أننا جميعًا نعرف الإجابة، كان الساحل سيصبح أحد أعظم موارد مصر الاقتصادية والسياحية والزراعية. وللأسف يتحجج الكثيرون ببطء التنمية أو عدمها نتيجة أن الساحل الشمالي في مصر قد أعطبته الألغام الأرضية التي بعثرت فيه من جراء صراع القوي الأوروبية في الحرب العالمية الثانية، وردي على هؤلاء أنه لو كنا في العصر السابق نزعنا مليون لغم في السنة باستخدام قدراتنا الوطنية لكنا انتهينا من هذا الكابوس الي الأبد وفتحنا آفاق الساحل الشمالي للزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار الجاد.
الآن يجب على كل المصريين وضع خطة قومية لنزع ٢٢ مليون من الألغام الأرضية وتحرير أرض الساحل الشمالي بالكامل لتصبح أحد قاطرات التنمية المصرية في المستقبل القريب. وفي الواقع فإن الخسائر في الأرواح والأطراف في سكان منطقة الساحل الشمالي هي أهم أسباب ضرورة إزالة هذه القنابل المدفونة واتاحة فرصة لهؤلاء للتمتع بحياة خالية من المخاطر والذعر والفقدان في واحدة من أجمل صحاري العالم. وبالنظر للمبادئ الاقتصادية الاولية فإننا لا يمكن تحمل قيمة الفرص المهدرة لهذه الرقعة الهائلة من الأرض والموارد.