سامي جعفر يكتب | إصلاح كرة القدم لأنها ليست مجرد لعبة

0

تصلح مقولة “إن الحرب أخطر من تركها للجنرالات” للتطبيق في أي مجال، إذ أن الخبراء الفنيين في أي قطاع هم الأقل قدرة على رسم استراتيجية لتطويره.
ويمكن القول في مجال مثل كرة القدم في مصر، إن أسوأ من أداره هم أهل اللعبة أنفسهم ما دفع القطاع إلى مستوى لا يمكن السكوت عليه، بسبب حجم الفساد المستشرى والعميق في اللعبة، حيث وصلت إلى مستوى فني رديء وأصبحت مفجرة للأزمات، كما أنها تضعف القوة الناعمة للبلاد بتحقيق المنتخب القومي فشلا وراء آخر، إلى جانب فشل أكبر أندية الدوري في تقديم أداء ممتع في المباريات وآخرها مباراة القمة بين الأهلى والزمالك في 21 يناير.
يعاني قطاع الكرة في مصر من كافة أشكال الفساد بداية من اختيار اللاعبين في قطاعات الناشئين وتنقلاتهم فيما بعد بين الأندية مرورا بتقدير القيمة السوقية إلى التعليق الفني على المباريات وهو تل من الفساد انتهى بفضيحة تثير الغبار على سمعة مصر وصورتها الذهنية بعد استقالة رئيس لجنة الحكام مارك كلاتنبرغ، ورحيله في بلد تعتبر السياحة أحد الروافد المهمة للاقتصاد.
كما تشهد المباريات سلسلة من التحريض على الكراهية والتنمر والاعتراض على الحكام وردود الفعل العصبية من جانب المدربين، دون تدخل من اتحاد الكرة أو رابطة الأندية التي تدير مسابقة الدوري، وفي المساء تغض البرامج الرياضية الطرف كثيرا عن هذه الممارسات الضارة بالمجتمع، وتكتفي بأحاديث هدفها مجاملة قطبي الكرة الأهلي والزمالك بالأساس، كما ينشر اللاعبون والمدربون ثقافة معادية للروح الرياضية وشرف المنافسة.
وحسب تصريحات مدربيين حاليين ولاعبين سابقين، فإن مافيا السماسرة تتحكم في اللعبة والمدربين واللاعبين على السواء ولا يستطيع أي مدير فني مقاومتها وإلا قضى بقية حياته عاطلا أو مجرد مدرب مغمور في الأندية الفقيرة بدوري القسم الثاني، وهو أمر لا يحتاج أدلة مادية خصوصا مع علانية تنقل مدربين بعينهم من نادي إلى آخر رغم إخفاقهم، كما أن المدير الفني الناجح لا يستمر مع فريقه أكثر من موسم.
تكمن أهمية قطاع كرة القدم في أنه جزء من القوة الناعمة لأي دولة كما أنه مجال لخلق الوظائف وجلب قيمة مضافة من خلال تصدير اللاعبين ما يؤدي لزيادة حجم الاقتصاد المحلي، بجانب التأثير الاجتماعي بنشر قيم المنافسة.
وقد يطالب البعض بتدخل الدولة في هذا القطاع، وهو أمر يجب أن يتم بحساب دقيق وبحذر بما لا يتخطى وضع قانون منظم للقطاع ويكون مساعدا على الإصلاح بجانب تفعيل دور الجهات الرقابية في المحاسبة سواء على جرائم التحريض على الكراهية وإهدار المال العام وسرقته أما إعادة هيكلة القطاع فتقع مسؤوليته على رابطة الأندية واتحاد الكرة والذين يضمان شخصيات سياسية وعامة والتي يمكن أن تستعين بكوادرها الحزبية لوضع خطة للنهوض بالقطاع.

* سامي جعفر، سكرتير تحرير صحيفة “المصري اليوم”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.