سعيد شحاتة يكتب | الجهاز الإداري ومسار الدولة

0

تشكل الجهاز الإداري للدولة عبر فترات زمنية مختلفة وكان تشكيل أول حكومة بالمفهوم الحديث في ٢٨ أغسطس ١٨٧٨ برئاسة نوبار باشا وضمت آنذاك ستة وزراء تحت مسمى ناظر. وتغير شكل وحجم الجهاز الاداري حسب الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكان لنشاط الدولة أثر بالغ في حجم الجهاز الإداري فكلما زاد نشاط الدولة ازداد حجم الجهاز الإداري. ويتكون الجهاز الإداري للدولة من الوزارات والمصالح والهيئات العامة والمحافظات. ويضم أكثر من ثلاثة ملايين موظف حاليًا.
رغم تبني الدولة في العقد الأخير العديد من الاستراتيجيات للإصلاح الاداري إلا أنه ما زال هناك الكثير من الإجراءات لتكوين جهاز اداري كفء وفعال يتفهم التشريعات وينفذ الإجراءات بما يتناسب مع السياسات العامة للدولة ومسار التنمية. خاصه وأنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح اقتصادي أو سياسي بدون إصلاح إداري.
فبداية لابد من اعاده النظر في الهياكل التنظيمية للجهاز الاداري للحد من تضخمه حيث يبلغ عدد الوزارات ٣٣ وزارة وهو رقم ضخم جدًا بالمقارنة بباقي دول العالم بالإضافة إلى تعارض الاختصاصات بين بعض تلك الوزارات وهو ما يضر المصلحة العامة ويؤدى الي تداخل الاختصاصات وعدم تحقيق المستهدف؛ الأمر الذي يتطلب دمج بعض الوزارات في هيكل تنظيم واحد حرصا على تحديد المسؤولية وترشيد الانفاق العام وهو الأمر الذي توليه الدولة أهمية كبيرة لمواجهه الأزمة الاقتصادية الحالية.
بالإضافة إلى عدد الهيئات العامة والتي تبلغ ٢١٧ هيئة عامة تقريبا ما بين الهيئات العامة الاقتصادية والهيئات العامة الخدمية. وبعض تلك الهيئات لم تعد ذات جدوى الآن بسبب انتهاء دورها أو القانون المعمول به أو نقل اختصاصها الي جهة أخرى. الأمر الذي يدفع إلى ضرورة اعاده النظر في جدول تلك الهيئات أو المهام المطلوبة منها ومن ثم الغاء او دمج بعض الهيئات.
كذلك لابد من إعادة النظر في سياسات استغلال الموارد البشرية الموجودة بالجهاز الإداري للدولة مثل تيسير إجراءات النقل والندب من جهة الي أخرى بما يتفق مع حاجه العمل وحسن سير المرافق العامة. وكذلك إلزامية التدريب سنويا وليس كشرط أثناء استلام العمل فقط وتنمية المهارات والحصول على مؤهل أعلي مع وضع حوافز جدية لزيادة إنتاجية الموظفين.
ميكنة الخدمات الحكومية والتحول الرقمي المالي من خلال الربط الإلكتروني بين كافة الجهات الحكومية وإعادة توزيع العاملين بالوحدات الإدارية التي تتم ميكنة خدماتها واستغلالهم في أعمال تتفق مع تخصصهم. من الأمور المهمة أيضًا مراجعة كل التشريعات الخاصة بالجهاز الإداري بما يتواكب مع المرحلة الراهنة. مثل قانون الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبة الحكومية وقانون الهيئات العامة وقانون الإدارة المحلية وعدم الاكتفاء بوضع قانون جديد للخدمة المدنية لأن بعض تلك القوانين مر عليها أكثر من خمسون عام. على أن تشمل المراجعة كل القوانين واللوائح والتعليمات المنظمة للجهاز الإداري ككل. مع وضع إطار قانوني للإدارات القانونية بالوزارات والهيئات العامة وشمولها في قانون واحد وإخضاعها للتفتيش الفني لحماية المال العام ولتحقيق الانضباط الاداري. وغير ذلك من خطوات يمكن الحديث عنها كجزء من طريق إعادة بناء جهاز إداري كفء يمكن استغلاله في مواجهة الأزمة الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية ومسار الجمهورية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.