سمر عمرو تكتب | الملكية الفكرية .. واقع أم خيال

0

لم تغفل مصر عن مواكبة التطور العالمي في مجال الملكية الفكرية بإعداد استراتيجية وطنية تضع حجر الأساس لمنظومة شاملة للملكية الفكرية وذلك لخلق بيئة تشريعية ومؤسسية ورسم خطة عمل واضحة للاستفادة بدورها في تحقيق أهداف الدولة التنموية في مختلف القطاعات بما يضمن تحقيق التوازن المطلوب بين الحقوق الخاصة لمالكي الحقوق من جانب وبين الحقوق العامة للمجتمع ككل من جانب آخر وذلك دون كبح الابتكار والإبداع والقدرة التنافسية ، وبفهم نظام الملكية الفكرية سوف نتمكن حتمًا من استخدامها على النحو الأمثل لتعزيز أنشطة البحث والتطوير ودعم الأنشطة التجارية والصناعية والثقافية.
ولهذا أطلقت الدولة المصرية الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية بمدة زمنية بدأت في سبتمبر2022 وتنتهي في بحلول سبتمبر 2027. واستهدفت أربعة أهداف استراتيجية:
الأول: حوكمة البنية المؤسسية للملكية الفكرية، بإنشاء جهاز قومي للملكية الفكرية وبدعم التحول الرقمي وإتاحة الخدمات بالوسائل التكنولوجية الحديثة وبتدريب العنصر البشري.
الثاني: تهيئة البيئة التشريعية للملكية الفكرية من خلال مراجعة التشريعات المرتبطة بالملكية الفكرية.
الثالث: تفعيل المردود الاقتصادي للملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بتعظيم الاستفادة من البحث العلمي وربطه باحتياجات الصناعة الوطنية وبتعظيم القيمة الاقتصادية للمشروعات المتوسطة والصغيرة.
الرابع: توعية فئات المجتمع المصري بالملكية الفكرية، من خلال دمج مفاهيم الإبداع والابتكار والملكية الفكرية في العلمية التعليمية والمؤسسات البحثية.
لا يفوتنا ذكر التزامات مصر الدولية التي جاءت وفق الأهداف المشار إليها فحماية حقوق الملكية الفكرية من منظور حقوقي ترجع لعام 1948 خاصةً في البند (2) من المادة (27) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص على أن “لكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه”، فضلًا عن مضمون نص المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأحقية كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية وحماية المصالح الناجمة عن الأعمال الفنية والأدبية وضمانة ممارسة النشاط الإبداعي. ومن منظور تجاري مصر ملتزمة بأحكام اتفاق (التريبس) بمنظمة التجارة العالمية واتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية بالإضافة إلى معاهدات الملكية الصناعية مثل اتفاق (استراسبورج) الخاص بالتصنيف الدولي للبراءات واتفاق (مدريد) بشأن التسجيل الدولي للعلامات واتفاقية (باريس) لحماية الملكية الصناعية ومعاهدة (التعاون) بشأن البراءات، وفي مجال الملكية الأدبية مصر ملتزمة باتفاقية (برن) لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
السؤال الآن هل تتمكن الدولة بمؤسساتها المعنية على تحقيق أهداف الاستراتيجية قبل عام 2027 في ظل التحديات المعاصرة؟ أتمنى أن نأخذ نصب أعيننا حيال إنفاذ أهداف الاستراتيجية سواء التشريعية أو المؤسسية ثلاث نقاط، أولًا حقيقة الفجوة التكنولوجية بين مصر والدول المتقدمة، ثانيًا غياب آلية مواجهة قرصنة المنتجات الفكرية المصرية، وثالثًا خطورة استقطاب الموهوبين المصريين للخارج واستغلال ابتكاراتهم وابداعاتهم لصالحهم.
فهل نستطيع تفعيل الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية لتصبح واقعًا وليس خيال، هل نجاح الاستراتيجية سوف ينعكس على المجتمع ككل؟ وبما أن الاستراتيجية عكست إرادة الدولة في أولًا تنفيذ التزامها الدستوري الوارد بالمادة (69) بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها في كافة المجالات، وثانيًا في وضع خطة معاصرة من أجل تعظيم الاستفادة من احترام حقوق الملكية الفكرية، هل سنحقق كل المستهدفات وفق مؤشرات القياس الواردة في مسودة الاستراتيجية بما يدعم الخطط التنموية الوطنية تنفيذًا لرؤية مصر 2030 ونحن في طريقنا نحو الجمهورية الجديدة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.