سميرة داود تكتب | الاستاذ السايس .. عائق الطريق

0

امتثلت الصديقة وانصتت لصوت جرس شجي خفى من الأعماق يصرخ يهز كيانها، يدفعها دفعا إلى التسلل والفرار من سكون المكان وإعتكافها إلاختياري ، إنها حالة من شكوى الروح وضجيج النفس من رتابة الحياة وتكرار مشاهد صورها . ركبت السياره وإنطلقت بها مسرعة، لا تدري إلى أى وجهة هي تسير ، لعل زحام الطريق وشغفها بقراءة وجوه البشر وتفاصيلها المحيرة دوماً تؤنس وحدتها ، تشمس روحها ، تحرض ذاكرتها البصرية على التأمل، على تخزين لقطات ومشاهد من سينما الحياة ، غير مرئية أحيانا بعيون الآخرين. تقودها العربة إلى طرق وشوارع غريبة عجيبة ، لا تدرك اين هى وما هى فاعلة؟ هل تغادر عربتها وتترجل على قدميها تاركة إياها في مكان ما؟ هربا من زحام الطريق وتكدسه، أم تنعم بحلم العودة إلى محرابها وسكونها بنفس وروح شاكية يائسة. وبينما هى غارقة في صراع أفكارها في شرودها، تراءى لها على حين غرة رجل يلوح بكلتا يديه كعادته دوما، بثياب غير مهندمة “لاستدراك عطف سائقي المركبات”، عريض المنكبين، يرتدي كاب على رأسه، ذو مقلتان تتحركان سريعا، ترمقان كالسهم صوب الهدف لإقتناص الفريسة “العربة القادمة” تجاه الرصيف. يحمل على أحد كتفيه فوطة صفراء “لزوم اللاعمل”، وفي إحدى يديه صفارة إنذار، يتلاعب بها كيفما يشاء غير مبالي، فيضيف إلى الصخب صخبا وإلى الأنين انينا ، ولا حياة لمن تنادي ، تلوث سمعى بصري، يستشري في أرجاء المعمورة، نتاجه سيمفونيه نشاذ، عازفيها باعة جائلين، منادي سيارات، صوت أبواق لعربات مكدسة، وبنايات عشوائية غير متجانسة، رجل بطاقية إخفاء يختفي تارة ثم يخرج من باطن الأرض، ليعتلي خشبة المسرح تارة اخرى، بحركات تمثيلية بهلوانية لإقناع صاحبي السيارات، بأنه بطلهم المغوار وطوق نجاتهم . يركض هنا وهناك، أحيانا لركن إحدى السيارات ، وأحيانا أخرى يلوح بيديه دون سابق إنذار، لإعاقة سير المركبات، لتنطلق مركبة أخرى راكنة على رصيف من لا يملكون حق الترجل عليه، بلبلة وفوضى في الطريق . يعلو صوته دوما ، كثيرا ما يثير الشغب والعراك مع بعض فئات راكبي السيارات، يتحصل على نقود ليست من حقه “جباية”، يمتلك الشارع طوله وعرضه ، دون وجه إعتراض لأحد من رجالات المرور . وبهذا يحق لنا أن نتوجه بجائزة سلبية .. مزينة بلون قاتم ، مخطوطة بكلمات مأثورة آلا وهى ” جائزة مهداة إلى الممثل المسرحي المبدع ذو إلاستعراضات البهلوانية المتميزة الأستاذ “السايس.. عائق الطريق”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.