شاكر فريد حسن يكتب | المولد النبوي الشريف، والمثل الأعلى
يحيي المسلمون في كل بقاع الدنيا في الثاني عشر من ربيع أول في كلّ عام ذكرى المولد النبوي الشريف، وهو اليوم الذي ولد فيه أعظم الخلق وأكرمهم على وجه الأرض. وهذه الذكرى العظيمة هي محطة محبة تستذكر ونستحضر ولادة نور الهداية وخير البرايا الذي سرى نوره بين أبناء الخلق أجمعين.
ففي الثاني عشر من ربيع أول من عام الفيل، اكتملت أركان النور بميلاد سيدنا ونبينا محمد بن عبد اللـه صلى الله عليه وسلم، وأشرقت ربوع الجزيرة العربية بنوره الوهاج الوضاء. وكان ميلاد النبي ايذانًا بفجر جديد، حيث جاء برسالة الحق والهدى والخير والسلام للبشرية جمعاء، وبثورة تحريرية لأجل إرساء العدالة الاجتماعي.
وتتجلى إنسانية سيد الخلق في تعامله مع خدمه، فكان صلى الله عليه وسلم يحب خدمه ويتناول الطعام معهم ويعودهم ويهتم بشؤونهم. ومن مآثره أنه كان يرق لحال أصحابه ويحزن قلبه وتدمع عيناه وتأخذه الرحمة والرأفة إذا مس أحدهم ضر وشر.
وكانت نفسه الشريفة السوية ومنهجه القويم المتوازن سياسته مع أهل بيته، فنجده يفيض حبًا لزوجاته، ولم يكن يرضى أن يكون هذا الحب مبررًا يجيز التجاوز.
ورسالة المولد النبوي الشريف هي الاقتداء بالرسول الكريم النبيل خير الأنام والسير على خطاه ونهجه واقتفاء أثره كل أيام السنة، فهو المثال والقدوة والمرشد وأعظم شخصية في التاريخ والملهم للأمة العربية الإسلامية، وقد بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا ورحمة للعالمين.
إن حياة الرسول الكريم، وهي ممثلة للنفس العربية في حقيقتها المطلقة، لا يمكن أن تعرف بالذهن، بل بالتجربة الحية، وهذه التجربة ليست حدثًا تاريخيًا فحسب، يذكر للفخر والعبرة، بل هي استعداد دائم في الأمة العربية، إذا فهم الإسلام على حقيقته، لكي تهب في كلّ وقت تسيطر فيه المادة على الروح، والمظهر على الجوهر.
النبي الكريم هو المثل الأعلى لكل من أراد أن يكون إنسانًا، فلنقتدِ بتعاليمه السمحة ورسالته العظيمة، وبالمسك والبخور ورشات العطور تهنئكم جميعًا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف.