شيريهان المنيري تكتب | هل نحن مستعدون لعصر “الأفاتار”؟!
يشهد العالم طفرة رقمية هائلة تشمل جميع المجالات والقطاعات، وأثبتت التكنولوجيا الحديثة على مدار السنوات الماضية أن “العالم أصبح قرية صغيرة”، وأن هذه العبارة أصبحت حقيقة بكل معانيها؛ فالجميع من مختلف أرجاء العالم أصبح يُمكنه التواصل بالصوت والصورة، وإنجاز المهام العملية والعلمية عن بُعد، بالإضافة إلى سُبل الترفيه المختلفة من خلال منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات والتطبيقات التي تُمكن مستخدميها من التفاعل مع بعضهما البعض على الرغم من عدم تواجدهم في نفس المكان، مثلما يحدث في عالم الألعاب الإليكترونية.
لعل جائحة كورونا وما تطلبته مع حظر مجتمعي لفترة في محاولة لاحتواء نسبة انتشار الفيروس، جاءت كاختبار عملي لأهمية التعاطي بجدية مع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في مجالات حيوية في سوق العمل وأيضًا مجال التعليم؛ حيث تحولت صفة “عن بعد” شعارًا لهذه الفترة، بعد أن ظل التباعد الاجتماعي إجباريًا خاصة بالشهور الأولى من ظهور كوفيد – 19.
جاء مؤخرًا أيضًا الحديث عن “ميتافيرس” وتحول الأفراد إلى “أفاتار” في عوالم افتراضية مختلفة، ليُسلط الضوء مُجددًا على ما نعيشه من ثورة تكنولوجية تنقلنا إلى عالم مختلف، يُمكنه إحداث تغيُر واضح في جميع معاملاتنا الحياتية. ربما يعتقد البعض أن الأمر يتوقف عند حد الترفيه أو التسلية، بينما هو يمتد إلى أكثر من ذلك، تمامًا مثلما تطورت استخداماتنا لمنصات وتطبيقات التواصل الاجتماعية، وقبلها قُدرة “الحوسبة السحابية” على التخزين وتداول ومشاركة الملفات والبيانات عبر أجهزة كمبيوتر في أماكن مختلفة.
على الرغم مما تقدمه هذه التقنية الحديثة من مُتعة وإثارة وبعض من المزايا في حال الاستخدام الرشيد لها وعلى أُسس وضوابط؛ إلا أنها تضعنا أمام تحدي جديد يجب الاستعداد له مُبكرًا، وهذا في سياق تحذيرات القيادة السياسية مرارًا وتكرارًا من حروب الجيلين الرابع والخامس، والتي أصبحت واقعًا في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة؛ ومحورًا في الحروب تنتهجه الدول بدلًا من الحروب العسكرية على أرض الواقع، والتي تكون تكلفتها المادية والمعنوية أكثر بكثير من نظيرتها الافتراضية؛ والتي تتلاعب بالعقول بهدف تغييب الوعي ومن ثم التأثير على المجتمعات والرأي العام عن بُعد. وليس الشباب فقط هم الفئة المستهدفة من هذه التقنيات وإنما أيضًا الأطفال، فهم بيئة سهلة للتأثُر بمثل هذه التحديثات المُستمرة، خاصة أن تعامل هذه الفئة مع التكنولوجيا الحديثة بات من قِبل أعمار صغيرة بحُكم مواكبة العصر الرقمي والأنظمة التعليمية الحديثة. وهنا يأتي دور الأسرة بجانب الحكومة ووسائل الإعلام في التوعية واتخاذ كافة الآليات لحماية الأجيال المقبلة من التأثيرات السلبية لعالم سيُصبح موازيًا خلال سنوات قليلة مقبلة.
لذا يجب علينا جميعًا أن نكون على دراية كافية بكل التحديثات التكنولوجية التي يشهدها العالم، واستمرار التوعية بإيجابياتها وسلبياتها على حد سواء، وتدريب الفئات المستهدفة بشكل مستمر بكيفية الاستخدام الواعي للتكنولوجيا بما يواكب العصر الرقمي، ولكن بشكل آمن بعيدًا عن أي تداعيات يُمكن أن تكون سببًا بها.
* سكرتير تحرير صحيفة اليوم السابع