صلاح الدين ياسين يكتب | نووي كوريا الشمالية

0

حين أعلنت كوريا الشمالية رسميًا في سنة 2006 أنها أجرت أول تجربة نووية ناجحة، عمت الصدمة العالم. كيف لدولة فقيرة، معزولة عن المجتمع الدولي، يحكمها نظام وحشي، فُرضت عليها عقوبات منذ عقود، أن تطوّر قنبلة نووية؟
بدايات البرنامج النووي الكوري الشمالي
يعود الاهتمام الكوري الشمالي بالطاقة النووية إلى خمسينيات القرن الماضي. فبعد الحرب الكورية، بدأت كوريا الشمالية في بناء قدراتها العلمية والهندسية. في عام 1956، وقعت بيونغ يانغ اتفاقية تعاون نووي مع الاتحاد السوفيتي، وبدأ العلماء والتقنيون الكوريون الشماليون في تلقي التدريب في الاتحاد السوفيتي.
في أوائل الستينيات، قدم الاتحاد السوفيتي مساعدة فنية واسعة لكوريا الشمالية في بناء مركز يونغبيون للأبحاث النووية، والذي تضمن تركيب مفاعل أبحاث سوفيتي في عام 1965. هذا المفاعل كان يُستخدم في البحث العلمي وفي المجالات الطبية والصناعية، ولكن يُعتقد أنه كان نقطة الانطلاق لتطوير القدرات النووية المستقبلية.
شهدت سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي توسعًا كبيرًا في البرنامج النووي الكوري الشمالي. بدأت بيونغ يانغ في تطوير قدراتها الذاتية في مجال اليورانيوم وتخصيبه. وبحلول أوائل الثمانينيات، كانت كوريا الشمالية قد شيدت منشآت لتعدين اليورانيوم، ومجمعًا لتصنيع قضبان الوقود، ومفاعلًا نوويًا بقدرة 5 ميغاواط كهربائية في يونغبيون.
من ساعد كوريا الشمالية على امتلاك القنبلة؟
على الرغم من أن كوريا الشمالية ركزت بشكل كبير على تطوير برنامج نووي يعتمد على قدراتها الذاتية، إلا أن هناك تقارير تشير إلى تلقيها مساعدة خارجية من بعض الأطراف التي سهلت لها مهمتها:
– باكستان والعالم النووي عبد القدير خان: يوصف عبد القدير خان (1936 – 2021) بأنه العقل المدبر للقنبلة النووية الباكستانية. ويُعتقد أنه زود كوريا الشمالية بتصاميم لأجهزة الطرد المركزي اللازمة لتخصيب اليورانيوم بتوجيه من المخابرات الباكستانية. وفي المقابل، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية زودت باكستان بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
-الصين: لا توجد أدلة قاطعة على أن الصين دعمت البرنامج النووي الكوري الشمالي بشكل مباشر. لكن الصين وفّرت غطاء سياسيًا ودبلوماسيًا لنظام بيونغيانغ في مجلس الأمن. كما لطالما تساهلت الصين في مراقبة الحدود، على نحو سمح بتهريب مواد وتجهيزات إلى كوريا الشمالية. كما تشير بعض المعلومات إلى أن شركات صينية صغيرة صدّرت بشكل غير قانوني مواد ثنائية الاستخدام (يمكن أن تستخدم في برامج مدنية أو عسكرية).
– الاتحاد السوفيتي وروسيا: كما أوضحنا سابقا، قدم الاتحاد السوفيتي الدعم لنظام كوريا الشمالية في تدريب العلماء وبناء مفاعل الأبحاث في يونغبيون. وحتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، حافظت بيونغ يانغ على علاقات وثيقة مع موسكو، وهناك تكهنات حول استمرار بعض التبادلات الفنية في هذا الصدد.
– جهات غير حكومية: يُحتمل أن تكون كوريا الشمالية قد حصلت على مكونات وتكنولوجيا نووية من طرف شبكات غير حكومية عبر السوق السوداء، كوسيلة للالتفاف على العقوبات الدولية.
– دور مخابرات كوريا الشمالية: لعبت الأخيرة دورا أساسيا في الحفاظ على سرية البرنامج النووي وإخفاء الأنشطة المرتبطة به عن المفتشين الدوليين.
ويبدو أن النظام الكوري الشمالي يستخدم الورقة النووية كأداة للمساومة وتعزيز قدرته على الردع في مواجهة تهديد واشنطن والقوى الغربية، إذ تملك كوريا الشمالية حاليا ما بين 40 و60 رأسًا نوويًا بحسب تقديرات غربية، بالإضافة إلى صواريخ عابرة للقارات قادرة نظريًا على ضرب أهداف في الولايات المتحدة الأمريكية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.