طه الخضري يكتب | أفريقيا والصراع الروسي الأوكراني (2 – 2)

0

بدا واضحًا أن أفريقيا كانت الأكثر تضررا من الحرب، حيث أدركت نسبة كبيرة من الأفارقة أن الحرب فى أوروبا الشرقية قد تأثرت بها الدول الأفريقية التى لم تتعاف بعد من التأثير الاقتصادى لوباء كورونا، وتشكل الحرب الروسية الأوكرانية تهديدًا كبيرًا على الاقتصاد العالمى، وخاصة الاقتصاد الأفريقى، بعد اندلاع الحرب فى فبراير 2022، ارتفعت أسعار القمح والنفط والنفط الخام العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، بينما تعتمد أفريقيا بشكل أساسى على وارداتها الغذائية من روسيا وأوكرانيا، حيث تعتمد أفريقيا على استيراد القمح لتلبية 63 فى المائة من احتياجاتها، وهى نسبة من المتوقع أن تزداد بما يتماشى مع النمو السكانى لأفريقيا فى السنوات القادمة، ومن المتوقع أيضًا أن يصل استهلاك القمح فى أفريقيا إلى 76.5 مليون طن بحلول أوائل عام 2025، وحوالى 48.3 مليون طن يتم استيرادها من خارج القارة.
ولعل استمرار الحرب سيكون له أثر مدمر على بعض الدول الأفريقية حيث إنه يهدد اقتصاداتها، بالإضافة إلى حقيقة أن الحكومات الأفريقية تواجه ضغوطًا دبلوماسية للتعامل مع الصراع المتصاعد بين روسيا والقوى الغربية التى تدعم أوكرانيا، حيث تكون أفريقيا جزءًا من مرحلة المواجهة بين الجانبين، وهناك تكهنات بأن حجم التجارة الدولية والمساعدات لأفريقيا ستنخفض، لأن التكاليف المرتفعة للحرب الروسية الأوكرانية ستؤثر بالطبع سلبًا على اقتصادات القوى الدولية مثل روسيا والولايات المتحدة، كما هددت الولايات المتحدة بخفض المساعدات الدولية والاستثمار المباشر فى الدول الأفريقية.
إن احتياجات الطاقة فى أفريقيا كبيرة جدًا لدرجة أن الغاز يحتاج إلى التطوير على نطاق واسع، خاصة أن ما يقرب من 600 مليون أفريقى لا يحصلون على الكهرباء، وهذا يعادل 43 فى المائة من إجمالى سكان القارة الأفريقية، 900 مليون شخص يعتمدون على المواقد ويطبخون فى مناطق من القارة، لذلك تحتاج أفريقيا إلى الغاز كبديل مناسب وأقل تلويثًا حيث تواصل الدول الغربية المطالبة بفرض قيود على استخدام الغاز للتخفيف من أزمة تغير المناخ.
مع شدة المنافسة الدولية على أفريقيا إلى حد كبير منذ بداية الأزمة الأوكرانية، خاصة بين الدول الغربية وروسيا، الأمر الذى دفع كلا البلدين لمحاولة كسب الدول الأفريقية بالمساعدات، وفى المقابل تبنيها موقفا لصالح إحدى الطرفى فى الأمم المتحدة، حيث قدمت واشنطن نحو 65 مليار دولار لأفريقيا فى ديسمبر من العام الماضى على شكل مشروعات اقتصادية وتنموية ومساعدات، فمنذ اندلاع الحرب فى أوروبا الشرقية، انعكس التحول الدولى نحو الاعتماد على النفط الأفريقى كبديل للغاز الروسى وتأثير ذلك على ارتفاع أسعار النفط فى زيادة الإيرادات المالية للدول الأفريقية المنتجة للنفط، وأتاحت الحرب لدول أفريقيا المنتجة للنفط مثل نيجيريا وأنجولا وليبيا والجزائر فرصة الاستفادة من عائدات صادرات النفط إلى أوروبا، والتى شكلت 90 فى المائة من عائدات العملات الأجنبية.
الخلاصة؛ إذا أدى تصعيد الصراع العسكرى فى أوكرانيا إلى مزيد من العقوبات الأوروبية ضد روسيا، أو غيرها من الإجراءات العقابية. يمكن لروسيا استخدام موقعها فى ليبيا للرد من خلال الاستفادة من الصراع الناشئ وزيادة تدفق المهاجرين لزيادة الضغط على أوروبا، من ناحية أخرى، ويراقب صانعو السياسات فى جميع أنحاء العالم التطورات عن كثب، الآن وقد بدأ الغزو، لا يسعنا إلا أن نأمل أن تكون الحرب قصيرة وبلا دماء، على أى حال، من المرجح أن يستمر نظام العقوبات والانتقام الروسى ضد روسيا لسنوات قادمة، ولا يزال مستوردو الطاقة والغذاء الأفارقة يواجهون رياحا متذبذبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.