عبد الرحيم العلاوي يكتب | في عيد الحب.. وما الحب؟

0

ما الحب إذا؟ وأينا يعلم عنه ويعرفه؟ وكيف يتحقق كقيمة إنسانية لابد من زرعها في القلوب قبل كتابتها في السطور؟
إن كان من يظن قدرته على ضبط مفهومه فالوهم أقرب عنده من الحقيقة، لأن الحب من القيم التي يصعب التنظير لها، خاصة مع اختلاف زوايا النظر إليه، وقد نجد أن لكل إنسان في هذا العالم تعريفه الخاص له، فكيف يمكن جمعه في وعاء واحد، وما ينبغي التنبيه عليه فقط هو دعوى حصره في ما يتبادله الرجل والمرأة، وهذا حاصل ما عليه أغلب من يسمع كلمة حب.
إنه أكبر من علاقة بين رجل وامرأة، وكل الباحثين عنه يدخلونه خندقا واحدا، البحث عن شريكة الحياة أو شريك الحياة.
لا أحد من هؤلاء المحتفلين بهذا اليوم سيفكر في الاحتفال مع صديق له يحبه، أو مع أمه وأبيه، إذا فالمشكلة أكبر من نقاش جواز الاحتفال من حرمته، هي مشكلة فهم شمولية القيمة التي تنذر في حياتنا اليومية.
قد نفرق من هنا بين حب وحب، ليس لغرض ضبطه، وإنما لإزالة الغشاوة التي تحجب الرؤية، والقياس بعدها أوسع لا حدود له.
وإن جمعنا رأي الٱخذ بالحب كونه بين رجل وامرأة، ورأي الٱخذ بحب الله ورسوله، سنخلص أن الحب هنا يختلف إلى منتهاه لا بدايته، فالبداية من القلب، وتلك المشاعر المنبعثة منه لها قرار الشخص من حدده سلفا حسب معتقده.
هذا اليوم بالذات يطلع البعض ليربطوا الحب بما كان عند العرب” الحب قيس وليلى، الحب جميل وبثينة، الحب عنتر وعبلى”، لا ننفي ما كان من هؤلاء من فناء في حبهم ومواقف تظهر جليا وصولهم لدرجات سامية في الحب.
لكن لا نجعلهم رموزا دون غيرهم لا لشيء إلا لأننا عرب، ننسب الفضل لنا، والبقية أعاجم، لا يعترف الحب بشيء بقدر اعترافه بالإنسانية على اختلاف الديانات ولأعراف، والأعراق والألسن، الأشكال والألوان.

إنه من يُدخل الناس في مصفاة، يطهر ما يهلك النفوس، فمع الحب تزول الأحقاد، تنطفئ جذوة الحسد قبل أن تستحيل لهبا يحرق الذات، وبه يتمكن في الخواطر حب الغير قبل أن يستقر الكره، نعم بالحب يرقى المجتمع، ولك أن تتخيل مجتمعا تسود فيه المحبة والإخاء.

وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث شريف” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، وفي ٱخر ” ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”، وفي الحديث القدسي ” ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…”.

ومن الأحاديث السالفة الذكر ربط بين الحب والمُظهر له، وبين الحب ومُنشئه، فالحب بلا مُظهر له ادعاء باطل، وإفشاءُ السلام جعله النبي عليه السلام سببا في حصول الحب في القلب بين الناس.

إن قيمة الحب أرقى بكثير من اختزالها في يوم عيد كل عام، لا يتحقق بهدية كبرت قيمتها أو قلت، ليس كلمات ننثرها أو خطبا نلقيها، هو شيء ما بداخلنا لا يظهر إلا بالسلوك الذي نتودد به لمن نحب، لأن السلوك وحده الفرض وما يرافقه نوافل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.