عبد الغني الحايس يكتب | شهيد المحبة
أحزنني جدًا الحادث البشع الذي تعرض له القمص “أرسانيوس وديد”؛ فهي جريمة بشعة بكل المقايس قام بها معتوه مختل انتزعت منه الإنسانية وتحول إلى حيوان همجي لا عقل له. ما أصعب القتل على الهوية، فلا تربط القتيل بالقاتل أى صلة ولا سابق معرفة حتى يقدم على تلك الجريمة الشنعاء… دعونا نعود إلى ظروف كثيرة لم نعالجها ولم نجتثها من جذورها، وإن ظل الوضع على عبارات المجاملة والطمأنينية سيتكرر الحادث مرات عديدة للأسف الشديد.
سأحكى قصة قصيرة عشتها وقت أن انتقلت للعيش في منطقة سكنية جديدة وقت حكم الجماعة الإرهابية وكانت أول جمعة لى فى ذلك المسجد عندما اصطحبت أولادى لصلاة الجمعة فى المسجد القريب من محل سكنى، وعندما اعتلى الخطيب المنبر اخذ يصيح ويصرخ المرء مع من يحب، فلا تقول لي أنني أحب جاري المسيحي أو أنك تحب من يشرب الخمر. بصراحة صدمت هل هذه هي تلك خطبة الجمعة المفروضة علينا، فاستجمعت قواي وهممت بالوقوف لعلة يشعر بغضبتى مما يقول، والجميع جالس وهو مستمر فى صياحة وكأنه يوجه كلامه إلى شخصيًا، فلم أشعر إلا وأننى أواجة بنفس الصياح يا عم الشيخ ماذا تقول أتصنع فتنة من على منبر رسول الله! فلا الله سبحانه وتعالى ولا رسوله (ص) يرضى عنك ولا على ما تقول فتحول المسجد إلى صراخ في وجهي كيف تجرأ أن تقاطع الخطيب وهو على المنبر! حتى تعالى صوتي ماذا تسمعون هل تفهمون ما يقولة إنه يحرض على الفتنة ضد أهلنا وأصدقائنا وجيراننا فالله محبة وهذا الشيخ انتزع الله من قلبه الإنسانية ولا يحمل فى جوانحة أى محبة وتركت المسجد والله على ما اقول شهيد.
المسيح علية السلام، الذي علمنا المحبة، وهو رسول المحبة، أسس مملكته على الحب والسلام فقد صبر على الأذى وقام بإعلاء كلمة الحق، ونشر دعوة الله إلى الناس، وكانت جل وصاياه تتمثل في وصية واحدة وهي المحبة “تحب الرب إلهك من كل قلبك. ومن كل فكرك. ومن كل قدرتك. وتحب قريبك كنفسك” فالله محبة ونقل عنه حواريوه وتلاميذته دعوته الى البشرية بالمحبة.
علينا أن نواجه تلك الخرافات التي مازالت تعشعش في عقول خربة تحاول أن تفسد علينا حياتنا وتهدم وتخرب وحدتنا، فجماعات الشر مازالت تبث سمومها للنيل من وقف المسيرة وتخريب ما وصلنا إليه من نهضة وتقدم ولنا ان نتخيل المشهد العبثى الذي كنا سنعيشه لو استمرت تلك الجماعة الغبية في حكم مصر.
علينا أن نحمد الله على نعمة علينا بعد اقصائهم ونعلم ان هناك عقول خربة مازالت تمنى نفسها فى ان تعشعش فى ذلك النسيج المتين الذي بنيناه للنيل من وطننا، وسنظل جميعنا بوحدتنا عيونا ساهرة لحماية وطننا لا فرق بين مسيحي ومسلم جميعنا مصريين.
على الدولة وكل مؤسساتها والأزهر والكنيسة والمدرسة والجامعة والأحزاب والأفراد القيام بدور إيجابي وحقيقي للتوعية لمناهضة تلك العقول الهدامة ومواجهتها فمصر لكل المصريين وستظل إلى الأبد.
ارفعوا رؤوسكم من الرمال فالحكايات كثيرة مسكوت عنها ونحن فى ظل جمهوريتنا الجديدة لا ولن نكون نعامًا، ولن أكرر ما علينا فعله، فالجميع يعرف الطريق إلى دولة مدنية حقيقية وكفى.
رحم الله القمص “أرسانيوس وديد” راعى كنيسة العذراء والذي نال أكليل الشهادة، وسلامًا إلى روحه الطاهرة، وخالص العزاء لكل محبيه ولكل المصريين.