عبد الغني الحايس يكتب | في بيتنا ثانوية عامة
مازالت الثانوية العامة تشكل عبأ وأزمة حقيقية للأسر المصرية. ورغم تصريحات وزير التربية والتعليم بتطوير التعليم، وادخال نظام التابلت، وبنك المعرفة، ومحاربة الدولة الدروس الخصوصية، وقيام المحافظين بغلق مراكز الدروس الخصوصية، إلا أن تلك الجهود مجرد تصريحات، فهذه المراكز منتشرة والتعليم عن بعد فى ظل ازمة كورونا حل لجأ اليه غالبية المدرسين، ومازالت تجارتهم رائجة.
الدروس الخصوصية تأكل مدخرات الأسر، مع وجود مدرسين انعدم ضميرهم المهني وتحولوا إلى تجار، يدفعون الطلاب الى تلك الدروس بعد أن انعدام دور المدرسة تمامًا، وغابت الرقابة بل انعدمت، ولا أدرى كيف يحق لهؤلاء أن يتحصلوا على مرتباتهم وهم لم يفعلوا شيء.
عندما كنت أنا شخصيًا فى الثانوية العامة كنا نواظب على الحضور كل الحصص المدرسية وهناك التزام شديد بالحضور والغياب. وقيام المدرسين بالشرح داخل الفصول وهناك حالة تفاعل كامل بين المدرس والطالب. حتى مع وجود الدروس الخصوصية بنسبة قليلة، إلا أننا كنا نشعر بالخجل لو عرف أحد من الزملاء أننا نأخذ درس خصوصى او حتى مراجعة في مادة ما، كان هذا هو ما يعترينا وقتها.
فكان للمدرسة دور كبير في التعليم والتوجيه واليوم غاب هذا الدور وأصبح مجرد سراب. مع أن التعليم هو القاطرة الحقيقية لنهضة أي أمة ورقيها.
اليوم لدى ابن في الثانوية العامة، لم يذهب الى المدرسة يوما واحد واعتبر الحضور الى المدرسة مضيعة للوقت وان المدرسين داخل المدرسة لا يقومون بوجباتهم من الشرح والتحليل داخل الفصول، وانشغلوا بتجارتهم الرائجة التى تستنزف دخل الأسر.
لقد بدأت معاناتنا داخل منزلنا بمجرد ظهور نتيجة الصف الثاني الثانوي. والتفكير في حجز المدرسين المشهود لهم بالكفائة والذي يقفلون باب الحجز بمجرد وصول الأعداد التى تكفيهم لذا يجب الحجز المسبق، ومن يتأخر عن الحجز المبكر لن ينال شرف التواجد مع مشاهير المدرسين، بل بحثنا عن وساطة للوصول الى أن يقبلنا أحد المدرسين.
ناهيك عن حالة التوتر والقلق داخل البيت، لضرورة توفير مناخ يتسم بالهدوء لأن في بيتنا ثانوية عامة، وقد فرض فيروس كورونا ان تكون الدروس أون لاين. وعند مناقشة ابني عن ان الدورة وفرت منصات تعليمية على قنواتها القضائية الى انه يرفض حتى متابعتها لكونة يعتبرها مثل المدرسة اضاعة للوقت وعلية ان يلتزم بجدول برنامجه مع منصاته مع المدرسين الخصوصيين.
حتى فكرة المجموعات التقوية التى تعلن عنها الوزارة داخل المدرسة فلا فرق بينها وبين الحضور الى الحصص المدرسية فكيف تقنع تلميذ لا يحضر اصلا الى المدرسة ان يتلقى دروس تقوية داخلها.
لذا علينا ان نعذر أولياء الأمور فى اتجاههم الى أعطاء أبنائهم دروس خصوصية برغم شراستها في هلك ميزانيتهم، إلا ان مستقبل أبنائهم اهم من محاولة اقناعهم انهم سبب كبير فى رواج تجارة الدروس الخصوصية، فهم من لم يرسلوا أبنائهم إلى المدرسة، أو يوجهونهم إلى المنصات الفضائية التي وفرت لها الوزارة خبراء من التعليم أو عبر بنك المعرفة أو حتى الصحف القومية والخاصة التى تحاول أن تساعد بوجود مدرسين يقومون بشرح المناهج ويصدرون امتحانات داخل مطبوعاتهم.
انتشار قنوات اليوتيوب وغيرها من المصادر، كل ذلك لن يُثنى الأسر عن ذهاب أبنائهم إلى الدروس الخصوصية.
على المستوى الشخصى لا أقوم بالضغط على ابني بضرورة المذاكرة وان عليه أن يذاكر اثنا عشر ساعة فى اليوم مثلًا وحتى لا أسبب له ضغطًا أو توترًا نفسيًا يدفعه إلى الاكتئاب أو حتى التظاهر بأنه يذاكر. بل أوضحت له أنها سنة عادية وعليه أن يكون مهتم بالتحصيل وأن يركز فيما يحصله وان العبرة فيما يحصلة وليس بطول وقت المذاكرة. وان فقد التركيز علية ترك المذاكرة وفعل ما يحب حتى يعود له التهيؤ لاستقبال المعلومة. بل علية ان يخرج معنا الى النادى او الذهاب فى نزهة مع أصدقائة وان التعليم هو تراكم تحصيل وعلية ان يتعلم من أجل التعلم لاكتساب الخبرات والمهارات.
بل على الأسر مرعاة عدم توتر أبنائهم وزرع الخوف والقلق داخل نفوسهم فلقد لاحظنا كثير من حالات الإنتحار لطلاب فى الثانوية العامة نتيجة ضعط اولياء الأمور على ابنائهم بضروة المذاكرة والوصول الى كليات القمة وتلك امور مغلوطة تمام.
ستظل الثانوية العامة بعبع لكل الأسر وسنة كبيسة مليئة بالضغوط على الأسر قبل الأبناء. لذا يجب الإسراع في تغير نظام التعليم بشكل حقيقي وليس بتصريحات وقرارات باهته.