عبد المجيد راشد يكتب | محمد على وبناء الاقتصاد المصري (3)
عرفنا صورة الاقتصاد المصري بشكل عام عشية القرن التاسع عشر. ولذلك كان من الطبيعي أن تأتى الزراعة في المكان الأول في إطار الإصلاحات الاقتصادية، ومن المعلوم أن جميع الأراضي باستثناء أراضي الوقف كانت في أواخر القرن الثامن عشر موزعة على الملتزمين، وكانت مهمة الملتزم الأساسية تتمثل في “جباية الضرائب الواجبة على قريته أو مجموعة القوى الخاضعة لالتزامه ونقل هذه الضرائب إلى الخزانة المركزية أو الإقليمية”.
ومع ذلك فقد أخذت حقوق الانتفاع التي حصل عليها الملتزمون بالتدريج تنتقل في اغلب الأحيان لصالح عائلاتهم بحيث أن ملكية الدولة أصبحت أشبه بقطعه من اللحم المفتت، تحول دون إقامة الدولة الحديثة المركزية التي يحلم بها محمد على، ومن ثم فقد عمد محمد على إلى القضاء على التناثر، وتشتت إيرادات الأراضي والفوضى والواقع أن الأراضي الزراعية في مصر عام 1805 والتي كانت تبلغ مساحتها مليوني فدان كانت مقسمة إلى ست فئات :-
1) أراضي الأبعديات أو الشفالك، وتضم مائتي ألف فدان كان محمد على قد وزعها على أفراد أسرته ورجال الدولة وقواد الجيش وهي أراضي معفاة من الضرائب.
2) ثم أراضي الالتزام التي حولها – بعد مذبحة المماليك في القلعة 1811 – وتصفيتهم في مصر العليا 1812 إلى أراضي أو وسية، وتشمل مائة ألف فدان منحها محمد على كتعويض للمماليك حتى لا تحرم عائلاتهم من كل مصدر للعيش.
3) ثم أراضي المشايخ أو مسموح المشايخ والمصاطب وهي تمثل 4% من الأراضي الزراعية في كل قرية بمجموع 154 ألف فدان، سلمت للعلماء الذين كانوا في نفس الوقت يقومون بعمل الملتزمين.
4) ثم أراضي الرزقة وهي ستة آلاف فدان معفاة من الضرائب، منحت هدايا أو عطايا للخبراء الأجانب العاملين في مصر.
5) ثم أراضي الأثر التي بقيت خالية وأعطيت للفلاحين.
6) وأخيرا أراضي العربان التي أراد محمد على أن يستقر فيها البدو.