عزالدين معزة يكتب | العلاقات الجزائرية الفرنسية (١-٢)
نريد إقامة علاقة ودية مع فرنسا قائمة على الاحترام المتبادل ..
ولا نريد ان نبقى سجناء التاريخ .
يوم 10 ديسمبر 2021، أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، عن قرارها برفع السرية عن أرشيف “التحقيقات القضائية”، التي جرت خلال الثورة التحريرية الجزائرية من 1954إلى 1962
وقالت باشلو لمحطة “بيه إف إم تي في”: “أفتح قبل 15 عاماً أرشيف التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة حول حرب الجزائر، “ما زالت فرنسا تسمي الثورة الجزائرية 1954 ـ 1962 بحرب الجزائر”، في إشارة خبيثة منها على ان الثورة كانت بين جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني وليس بينها وبين الشعب الجزائري، وكأن جيش التحرير الوطني ليس من أبناء الشعب الجزائري.
وردا على سؤال حول خطورة الخطوة، التي تكشف جرائم الجيش الاستعماري في الجزائر، تقول باشلو إنه يجب النظر إلى الحقيقة مباشرة وأن الرئيس ايمانويل ماكرون اعترف بتعذيب واعدام الأستاذ الجامعي المتخصص في الرياضيات موريس أودان ، ولكن رئيسها لم يعترف بجرائم الدولة الفرنسية طيلة 132 سنة من استعمار استيطاني متوحش عمل على إبادة الشعب الجزائري واستبداله بحثالة الشعب الفرنسي والاسباني والإيطالي والمالطي ، مع مصادرة أراضي الجزائريين ومنحها لهؤلاء اللصوص والمجرمين وحثالة البشرية وشذاذ الأفاق . والسؤال الذي يلح علينا طرحه وهو هل الاستعمار الفرنسي الاستيطاني قبل 1954 لم يرتكب جرائم ضد الجزائريين، وكأنه في عملية الشعب الهمجي حسب ادعاءاته؟ وهل نسي أن تناسى انه أباد أكثر من 3 ملايين جزائري قبل 1954، مع تجهيل وتفقير من بقي منهم حيا، بل وقد ارجع الاستعمار الفرنسي الشعب الجزائري إلى مرحلة الانسان البدائي.
أليست هذه جرائم ضد الإنسانية ويعاقب عليها القانون الدولي ولا تزول بالتقادم،
لماذا تغاضت الدولة الفرنسية عن جرائمها قبل 1954؟ مكتفية فقط بكشف السرية عن بعض تجاوزات التحقيقات القضائية في حق المجاهدين الجزائريين والشعب الجزائري المشكوك في دعمه للثورة التحريرية؟
الوثائق التي يمكن الاطلاع عليها وما يزال منها تحت بند السرية وهي كالتالي:
1- المحفوظات العامة التي تم إنشاؤها في إطار القضايا المتعلقة بالأحداث التي وقعت خلال الثورة التحريرية بين الأول من نوفمبر 1954 و31 ديسمبر 1966″.
2- القضايا المرفوعة أمام المحاكم.
3- تنفيذ قرارات المحاكم.
4-الوثائق المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دوائر الضابطة العدلية.
5-الوثائق الموجودة في دار المحفوظات الوطنية ودار المحفوظات الوطنية لأراضي ما وراء البحار ودار المحفوظات للمحافظات ودائرة المحفوظات التابعة لمديرية الشرطة ودائرة المحفوظات التابعة لوزارة الجيوش وفي إدارة المحفوظات بوزارة أوروبا والشؤون الخارجية”.
وتضمن القرار الوثائق التي لا تزال تحت بند السرية ويمنع الاطلاع عليها وهي:
وتضمن القرار الوثائق التي لا تزال تحت بند السرية ويمنع الاطلاع عليها وهي:
1- الوثائق المتعلقة بقاصر.
2- الوثائق التي من المحتمل أن تعرض أصحابها والمتصلين معهم للخطر.
3- الوثائق التي تخص أمن الأشخاص المحددين بالاسم أو الذين يمكن التعرف عليهم بسهولة ممن يشاركون في أنشطة استخباراتية.
قالت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، بأن بلادها “تريد إعادة بناء أمور عدة مع الجزائر، ولكن لا يمكن التقدم في هذه العملية إلا على أساس الحقيقة”. وأضافت أن “تزوير الحقائق يؤدي إلى الكراهية والاضطرابات. والمصالحة بين البلدين تبدأ عندما يتم وضع الوقائع على الطاولة، والاعتراف بها، وتحليلها”
إعادة بناء أمور عدة مع الجزائر حسب قولها يتطلب فتح الأرشيف كله أمام الباحثين دون تستر الدولة الفرنسية عن جرائمها في الجزائر طيلة 132 سنة.
على كل جيلي يعرف جيدا أن الدولة الفرنسية مشهورة بفلسفة الإنكار، وهي من صلب العقلية الفرنسية، لهذا من الصعوبة أن يقرأ جيلي على الأقل الوثائق التي تدين فرنسا في جريمة التفجيرات النووية، أو عمليات القتل والعقوبة الجماعية تجاه الجزائريين منذ 1830 الى تاريخ استعادة السيادة الوطنية 1962 “.
قد نقول ان لهذه الخطوة جانب إيجابي “بالتقطير ” في مسار تهدئة الأوضاع بين البلدين، لكنها قد تحمل مفاجآت أخرى غير متوقعة، صراحة لن أثق ابدا بسياسة الدولة الفرنسية تجاه الجزائر وخاصة ما يتعلق بالجانب التاريخي الاستعماري، الجزائر تطالب باسترجاع الأرشيف، وليس رفع السرية عنه حسب ما يخدم الدولة الفرنسية ويجنبها كشف جرائمها ضد الإنسانية في الجزائر.