علاء عصام يكتب | خواطر حول الجمهورية الجديدة
مصر المدنية الديمقراطية الحديثة هي الهدف والحُلم الذي نسعى من اجله واقترب تحققه مع إعلان الجمهورية الجديدة، والبعض يسأل ماذا يعني الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذه الجمهورية، وفي ظني أننا أمام ميلاد جديد لدولة لأول مرة منذ عقدين كاملين تضع حدًا لكل من أراد أن يصبغ الوطن بدين معين، فأصبحت دولتنا لكل المصريين لا فرق فيها بين مسلم أومسيحي أو غير مؤمن فالجميع يتساوي تحت مظلة دولة القانون.
انطلقت هذه الجمهورية الجديدة بعد انتصار مصر في ثورة 30 يونيو وليس قبل ذلك، حيث أن حركة الجماهير في 25 يناير كانت انفعاليه وسبق لها إعداد من قبل بعض الحركات الشبابية والأحزاب ولكن للأسف لم يكن أغلب من شاركوا في هذه الحركة يعلمون خطورة الجماعات الارهابية والاحزاب الدينية فتحالفوا معهم الي ان وصلوا للحكم وكانت اللطمة الكبري، حيث يحكم مصر عصابة ترفض كل الاليات الديمقراطية وتحتكم لدولة الفقية ولاتعترف بالدولة اصلا فمابالك بالدولة الحداثية.
مر على نجاح هذه الثورة 8 سنوات وشاهدنا انجازات كبري على كل المستويات ولكني توقفت متاملا لمستقبل مصر بعد حياة كريمة، حيث سبقها المدن الجديدة والبنية التحتية العظيمة والاصلاح الاقتصادي وتقوية الجيش والتامين الصحي الشامل وكل ما شاهدناه من نهضة اكتمل حقيقة مع هذا المشروع الذي سيستفيد منه أكثر من 60% من الشعب المصري.
من هنا آن الأوان للمفكرين والفلاسفة والمثقفين والآلة الثقافية للدولة أن تتحرك لتحرر عقول أبنائنا الذين عاشوا تحت سيطرة فكر ظلامي اخواني وسلفي لسنوات طويلة، وحان الوقت لان تضع الجمهورية الجديدة برنامج ثقافي عام يترسخ في عقول أبنائنا يتناسب مع العصر الذي يشهد تقدم انساني وعلمي غير مسبوق. حيث إننا قبل إعلان مشروع حياة كريمة الذي وصلت ميزانيته لما يقرب 700 مليار جنيه وتنفيذ جزء منه والذي يساهم حاليًا في بناء الريف المصري، لم يكن في وسعنا أن نُعلن مشروعنا الثقافي ونرسخه في عقول أبنائنا فكيف للنشء أو الشباب او ذويهم سيتقبلوا أي أفكار جديدة وهم يعيشون تحت سقف منزل غير صالح لحمايتهم من الأمطار وشوارع تعاني من غياب كبير لشبكة الصرف الصحي ومدارس زجاجها مكسور في الشتاء فانا ابن الريف عانيت من هذه الماساة وكنت “بتكتك” كما نصف بالعامية من الصقيع والبرد.
كما أن المواطن لن ينتبه لهذا البرنامج الفكري طالما مازال يعاني من مستشفيات وضعها مذري، وهنا وبعد إعلان حياة كريمة وكل ما تقوم به الدولة من نهوض بوضع القري والريف أصبح المواطن على استعداد أن يناقش ويقتنع ويترسخ في ذهنة أفكار جديدة تحرره من الأفكار الظلامية التي كانت عائق أمام الفتيات اللواتي يُمنعن من التعليم في بعض القرى، والنساء التي لا ترث بحكم الأعراف والفتيات الللاتي مازلن يعانوا من الختان بالقوة، ووصل الأمر بأصحاب الفكر الظلامي أن يرسخوا باسم الدين في عقول المصريين تحريم تحديد النسل، رغم ما شرحناه كثيرًا من أن مصر تعاني من شح مائي ووضع اقتصادي لا يحتمل إنجاب أي أسرة لأكثر من طفلين، ووصل الأمر بأصحاب الفكر الظلامي بتحريم التمثيل والموسيقي والرسم والفنون عمومًا، ويشيعون أن صوت المرأة عورة وادخلوا في عقول أبنائنا أن المرأة سلعة جنسية وساهمت هذه الافكار الظلامية في انتشار التحرش والتنمر بالنساء فلماذا لا يتحرش بزميلته وشيخه يصور له أن المرأة سلعة جنسية.
أظن أن تدشين الرئيس عبد الفتاح السيسي جمهورية جديدة يعني مواطن قادر على التفاعل مع أقرانه في المجتمعات الحداثية ووطن يعيش فيه كل الناس تحت مظلة دولة القانون وأن تساهم هذه الافكار في أن يعيش الإنسان أيًا كان جنسه أو لونه أو دينه في سعادة وعشق للوطن ليس له حدود.