ضمن توصيات المؤتمر الوطني للشباب، في دورته السابعة، كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجلس الوزراء بإطلاق المشروع القومي للتحول الرقمي، بالإضافة إلى تأكيد سيادته على أن هذا المجال سيحقق كل عناصر النجاح للدولة المصرية، ويساعد على تقليل التدخل البشرى في عمل الحكومة ومكافحة الفساد.
منذ ذلك الحين، يتحدث الكثيرون عن ضرورة تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وزيادة سرعة الإنترنت، لضمان نجاح منظومة التحول الرقمي، والتأكد من سهولة وصول المواطن إلى الخدمات الرقمية والاستفادة منها، وهذا في الحقيقة أمر هام وضروري، ويجب أن يكون من أولويات نمو وتطوير المنظومة.
ولكن الأمر الأكثر أهمية، من وجهة نظري، هو الإجابة على سؤال: هل المواطن المصري جاهز للتعامل مع منظومة التحول الرقمي أم لا؟
نماذج ونظريات كثيرة أكدت على أن نجاح تجارب التحول الرقمي لا تقتصر على ضمان وصول المواطنين إلى الإنترنت، وتوفير البنية التحتية لذلك فقط، ولكن تطوير مهارات المواطنين أنفسهم ومحو أميتهم الرقمية أمر حاسمًا أيضًا؛ فبدون هذه المهارات الأساسية، فإن جهود الدول في التحول الرقمي قد لا تؤتي ثمارها.
هنا يأتي أهمية مصطلح المواطن الرقمي أو “المواطنة الرقمية”، والذي عرفته منظمة اليونسكو العالمية على أنه: “مجموعة من المهارات التي تمكن المواطنين من الوصول إلى المعلومات والوسائط واستعادتها وفهمها وتقييمها واستخدامها وتبادلها، وذلك باستخدام العديد من الأدوات بأسلوب أخلاقي وفعال للمشاركة في الأنشطة الشخصية والمهنية والاجتماعية”.
لا شك أن مفهوم “المواطنة الرقمية” يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنظومة التعليم، وكيف يمكن للمجتمع استخدام التكنولوجيا بطريقة صحيحة وفعالة، من خلال مراعاة المعايير والقواعد والضوابط، وعدم استخدام التكنولوجيا فقط كأداة للترفيه والتواصل.
لذلك أرى أن هناك دورًا هامًا وحيويًا يقع على الدولة المصرية، والمؤسسات التعليمية، ومؤسسات المجتمع المدني، يتمثل في ضرورة نشر ثقافة “المواطنة الرقمية” في المجتمع، من خلال تدريس مبادئه ومهاراته للطلاب في المدارس، ضمن منهج متكامل للتربية الرقمية، كما فعلت عدد من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وإنجلترا واستراليا، بالإضافة إلى إطلاق الحملات والمبادرات القومية لتوعية المواطنين في وسائل الإعلام التقليدية والجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم ورش عمل وتدريبات متخصصة للشباب على مهارات «المواطنة الرقمية» الأساسية .