على يحيي يكتب | العلاقة المصرية السودانية

0

في البداية كانت لدى مصر والسودان علاقات تاريخية وثيقة تمتد لعدة قرون. بدأت هذه العلاقة قبل المرحلة الحديثة، حيث كانت الحضارات المصرية والنوبية (التي تشمل الأراضى الحالية للسودان وجنوب مصر) تتداخل في الفترة القديمة والوسيطة، وتواصلت هذه العلاقة عبر العصور وشهدت فترات من التوتر والتحالف والتعاون بين البلدين.
فمن الناحية السياسية، كان السودان جزءًا من الإمبراطورية البريطانية حتى استقلالها في عام 1956، وبعد الاستقلال، بدأت العلاقة بين مصر والسودان في التطور. وفى الفترة التي تلت الاستقلال، كانت هناك عدة أحداث هامة شكلت العلاقة بين البلدين، ومن بينها تأسيس جامعة الخرطوم في العام 1956، وتوقيع معاهدة النيل في عام 1959.
تركزت العلاقة بين مصر والسودان بشكل خاص على مسألة مياه النيل، حيث يتدفق نهر النيل من الجنوب إلى الشمال، ويمثل مصدرًا رئيسيًا للمياه في البلدين، وفي عام 1959، وقعت مصر والسودان معاهدة النيل، التي تحدد كيفية توزيع المياه بين البلدين وتحديد الكميات التي يحق لكل بلد الاستفادة منها، ومع ذلك، كان هناك صراع مستمر بين البلدين حول هذه المسألة، حيث تشكلت جبهة موحدة بين الدول الأفريقية الواقعة على ضفتى النيل للمطالبة بحصة أكبر في المياه.
في عام 1971، قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارة الخرطوم، وخلال هذه الزيارة وقع الرئيس المصري ورئيس السودان جعفر نميري على اتفاقية الأصدقاء الحميمين، والتي تضمنت تعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى والثقافى بين البلدين. وبعد ذلك، بدأت العلاقة بين البلدين في التحسن، وشهدت مصر والسودان فترات من الاتحاد السياسى والتعاون الاقتصادى والعسكرى.
وفي عام 1995، وقع الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السودان عمر البشير اتفاقية الصداقة والتعاون المشترك، والتي تعززت من خلالها العلاقة بين البلدين في مجالات مثل التجارة والاستثمار والنقل والاتصالات، وفي العام التالى، بدأ البلدان بتنفيذ مشروع الجسر الذي يربط بين البلدين عبر النيل الأبيض.
وتواصلت العلاقة بين مصر والسودان في الفترة الأخيرة عبر عدة محطات مهمة، بما في ذلك زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الخرطوم في مارس 2015، والتي شهدت توقيع اتفاقية بين البلدين لتطوير موانئ النيل، فتكامل مصر والسودان تفرضه الطبيعة وتخلق معه مصالح مشتركة، وإن أفسدته سياسات خاطئة منذ خمسينيات القرن الماضي ، وكذلك مخططات أجنبية رأت في أى تقارب يهدد مصالحها في القارة الأفريقية وجنوب العالم العربى.
وقد أوضحت الأحداث الأخيرة مدى قوة العلاقة بين البلدين وموقف مصر الثابت والداعم لاستقرار السودان دون التدخل في شؤون الدول الداخلية وهذا ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر دائمًا تتعاون مع الدول بمبدأ السلام والبناء والتعمير والتنمية وهذا هو موقف مصر الثابت الذى لن يتغير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.