علي أبوعليو يكتب | قانون الإيجار القديم.. نحو توازن جديد

0

صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في 9 نوفمبر 2024 بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1-2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقد مثل هذا الحكم مشهدا من أهم مشاهد التطور المهم في التشريع المصري، هذا الحكم نتج عنه حالة جدل واسعة بما يمثله من نقطة فارقة في مسار العلاقة التعاقدية بين المؤجرين والمستأجرين، ويشير إلى النظر مجددا في هذا القانون، الذي ظل لسنوات محل جدل واختلاف.
ركنت الدستورية العليا في حكمها إلى مبدأ حماية الملكية واعتبارات العدالة، حيث قضت بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من القانون، والتي تنص على ثبات الأجرة السنوية للأماكن المعدة لأغراض السكنى.
واعتبرت المحكمة أن نتاج تطبيق نص هاتين الفقرتين من ثبات الأجرة بشكل مطلق، إنما يمثل إجحافا بحق المؤجرين، ويضرهم، وأن هذا الضرر، ينعكس بدوره على الاقتصاد القومي.
ولما كان هدف المحكمة، خلق حالة من التوازن بين حقوق المؤجر والمستأجر، والتأكيد على عدة نقاط منها:
1- حماية حق الملكية، حيث أكد الحكم حق المؤجر في الاستفادة مما يملكه، وأن الثبات المطلق للأجرة، يعد إخلالا بهذا الحق.
2- الحفاظ على الأمن المجتمعي، والعدالة الاجتماعية، بأنرغب الحكم في تحقيق العدالة بين الطرفين، وخلق حالة توازن مصالح بينهما، وعدم الإضرار بمصلحة طرف على حساب طرف، أخذا في الاعتبار التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم.
وقد أدركت المحكمة أهمية هذا الحكم فنصت على تطبيقه في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد العادي، خاصة أنه متوقع أن يؤدي الحكم إلى زيادة في الإيجارات بعد إلغاء الأجرة الثابتة، وأن قيمة الأجرة ستشهد ارتفاعا تدريجيا، يتناسب مع التغيرات الاقتصادية والقوة الشرائية، كما سيضطر المؤجرون والمستأجرون إلى تعديل العقود المبرمة بينهم، لتتناسب مع اتجاهات الحكم الجديد، ولا شك أن المرحلة المقبلة، ستشهد أروقة المحاكم، زيادة في النزاعات القانونية بين الطرفين إلى استقرار الوضع الجديد وبيان آلياته، ومحددات عمله.
وعليه فإنه يتعين على المشرع أن يعكس كل تلك التفاصيل في قانونه، ومن أجل تحقيق هذا التوازن، يجب على المشرع أن يضع في عين الاعتبار حماية الأشخاص ذوي الدخل المحدود، ما قد ينتج من زيادة في الإيجارات، وذلك مثلا بالزيادة التدريجية أو مراعاة طبيعة المكان أو توفير مساكن بأسعار معقولة، ايضا يجب أن تتسم كل آليات تحديد الأجرة الجديدة بالوضوح والعدل، وأن تراعي التغير في الأسعار، ومعدلات التضخم، لضمان حصول المؤجرين على أجرة عادلة، وفي ذات الوقت حماية المستأجرين من الزيادة المفاجئة والضخمة، والتي قد تهدد أمنهم الاجتماعي، وأن يؤخذ في الاعتبار أيضا ما قد ناله المؤجر من انتفاع من أموال الخلو، التي دفعها المستأجر، والتي مثلت في حينها مبالغ مالية معتبرة.
ختاما، فإنه لا يمكن أن يكون الحكم إلا نقطة في بحر إصلاح هذا القانون، وتحقيق العدل، وهو ما يتطلب التحام كل الجهود، وكل السلطات سواء تشريعية، قضائية أو تنفيذية أيضا ، ومساهمة منظمات المجتمع المدني من أجل تحقيق الاستقرار وتطبيق العدالة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.