علي المسعود يكتب | جولدا .. ذكرى الخيبة الإسرائيلية

0

في عام 2023 نحتفل بمرور نصف قرن على ذكرى انتصار حرب أكتوبر عام 1973، والتي كانت نقطة تحول فارقة في الصراع العربي الإسرائيلي. فيلم “كولدا ” الذي عرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي عام 2023 ، أخرجه غاي ناتيف ومن تأليف نيكولاس مارتن وتجسد الشخصية رئيسة وزراء اسرائيل الممثلة البريطانية هيلين ميرين .، كما يوحي اسم فيلم “غولدا” فهو يشير إلى رئيسة وزراء الكيان الصهيوني كولدا مائير التي تعد المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئاسة الوزراء في تاريخ إسرائيل بين عامي 1969 و 1974 . يبدأ الفيلم في 5 أكتوبر 1973 عشية بداية الحرب، حيث تتلقى كولدا مائير معلومات تفيد بأن السوريين والمصريين يستعدون للهجوم. لا يقدم الفيلم سيرة ذاتية من الميلاد وحتى الموت لكولدا ولكنه يقدم أحداث درامية مكثفة لحالتها على هامش الحرب، بالإضافة إلى جزء شخصي واحد فقط، وهو المرض ولحظات الكشف السريري بالتزامن مع الأحداث، ويركز هذا الفيلم (حرب أكتوبر) عام 1973 واتي أطلق عليها الإسرائيليين ” حرب يوم الغفران ” لأنها حدثت في يوم مقدس عند اليهود وهو ( يوم الغفران ) ، التي حولت غولدا مائير إلى شخصية مثيرة للجدل حتى يومنا هذا و ما زالت مثيرة للجدل حيث طاردت سمعتها واسمها “صدمة” حرب أكتوبر . وفي ذلك، قال مارتن كاتب السيرة ” بالرغم من مرور أعوام كثيرة، مازال بعض الإسرائيليين يتوجهون إلى أفراد عائلة مائير في الأماكن العامة لتوبيخهم عن فشلها خلال السنوات الخمس التي قضتها كرئيسة للوزراء”.
في السادس من أكتوبر /تشرين الأول عام 1973، شنت مصر وسوريا هجوما مفاجئا. وخلال معاركة دارت رحاها حتى الرابع والعشرين من الشهر ذاته تكبد فيها الجيش الإسرائيلي خسائر باهظة، حيث قُـتل قرابة 2800 جندي إسرائيلي فضلا عن إصابة ما لا يقل عن 8000 آخرين. يرى الضابط الإسرائيلي المتقاعد أفيغدور كهلاني الذي تعدّه إسرائيل أحد أبطالها على الجبهة السورية، “أن حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 شكّلت (صفعة) كانت تحتاج إليها بلاده على رغم خسائرها البشرية”. ويضيف “خلال 24 ساعة سقطت مرتفعات الجولان بأكملها تقريبًا في أيدي السوريين”، متابعا “كانت نسبة القوات السورية أكبر، فكلّ ثماني أو عشر دبابات تقابلها دبابة إسرائيلية. وكانت دباباتهم أفضل من دباباتنا”. اختارت دمشق والقاهرة بدء الهجوم المشترك من سوريا شمالاً ومصر جنوباً، في يوم كانت إسرائيل تحيي عيد الغفران، أحد أقدس الأعياد اليهودية وهو يوم صوم تشلّ خلاله حركة الدولة.
ويضيف كهلاني (79 عاماً) في مقابلة مع وكالة فرانس برس في منزله في تل أبيب “فجأة أدركنا أنها حرب شاملة “. شكّلت إسرائيل لجنة للتحقيق” والوقوف حيال الجهة المسؤولة عن الفشل في عدم توقع الهجوم المصري- السوري المفاجئ ومن ثم الرد عليه. كانت نتيجتها استقالة رئيس أركان الجيش دافيد إليغازر ورئيس الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا في العام 1974، وعلى رغم عدم تحميلها مسؤولية مباشرة من قبل اللجنة استقالت كولدا مائير بدورها من رئاسة الوزراء في العام ذاته، فيما ظلت معظم تفاصيل التحقيق غير معلومة لسنوات.
إستنادا إلى الوثائق التي رُفعت عنها السرية بشكل جزئي، يكشف نيكولاس مارتن كاتب الفيلم بأنه حصل أثناء كتابة السيناريو من رئيس أرشيف الدولة الإسرائيلية” حجاي تسوريف” على معلومة مفادها أن إسرائيل أقامت نظام تنصت مكلف للغاية على خطوط القيادة المصرية بين قناة السويس والقاهرة. وبفضل هذا النظام الذي ضم جهازا متطورا للغاية، جرى إبلاغ رئيسة الوزراء مائير في ذاك الوقت أنه سيكون لديها إشعار مسبق قبل شن المصريين أي هجوم باثنين وسبعين ساعة على الأقل “شريطة استمرار عمل الجهاز “، وأضاف أن رئيس الأمن العسكري في لاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت كان كان مقتنعا تماما بأنه لا يوجد أي احتمال لشن حرب، لدرجة أنه لم يقم حتى بتشغيل نظام التنصت. ولهذا السبب يعتقد مارتن أنه “من الظلم إلقاء اللوم على كولدا “.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.