فؤاد أحمد عايش يكتب | متحف الإرميتاچ

0

يُعد متحف الإرميتاج أحد أعرق المتاحف في العالم، ويمثل أيقونة للثقافة والفن العالمي. أسسته الإمبراطورة كاثرين الثانية عام (1764) حين اقتنت أول مجموعة من اللوحات الأوروبية، ومنذ ذلك الحين نما ليصبح صرحًا يضم أكثر من ثلاثة ملايين قطعة فنية. يقع المتحف في قلب سانت بطرسبورغ داخل قصر الشتاء التاريخي، ما يضفي على زيارته سحرًا يجمع بين العراقة المعمارية وروح الإبداع الفني. إن الإرميتاج ليس مجرد مكان لحفظ التاريخ، بل هو شاهد حي على مسيرة حضارات متعددة التقت تحت سقف واحد.

تستقبلك قاعات الإرميتاج بروائع من مختلف المدارس الفنية: أعمال ليوناردو دافنشي، ورامبرانت، وروبنز، ومونيه، إضافة إلى تماثيل وأدوات أثرية من حضارات اليونان وروما القديمة. ويزهو المتحف كذلك بمجموعة فريدة من الفن الروسي، مثل لوحات كارل بريولوف وإيفان أيفازوفسكي، التي تُظهر جمال المناظر الطبيعية وروح الإنسان الروسي. وتمنح المعروضات الزائر فرصة نادرة للسفر عبر العصور من خلال الألوان والرموز، وتكشف كيف يمكن للفن أن يجمع البشرية حول القيم الجمالية والإنسانية المشتركة.

لا يقتصر دور الإرميتاج على كونه مخزنًا للتراث، بل هو مركز ثقافي نشط ينظم المعارض المؤقتة، وورش العمل، والمحاضرات، ويشجع على الحوار بين الثقافات. بفضل مشاريعه التعليمية والرقمية، أصبح المتحف جسرًا بين الأجيال، يُعرّف الشباب بتاريخ الفن، ويُلهم المبدعين لاستلهام رؤى جديدة من كنوز الماضي.

إن زيارة متحف الإرميتاج تجربة تتجاوز مشاهدة اللوحات والتحف؛ إنها دعوة للتأمل في تاريخ الإنسانية، وتذكير بأن الإبداع لا يعرف حدودًا جغرافية أو زمنية. في كل قاعة، وفي كل عمل فني، يتجلى معنى التواصل الحضاري الذي يربطنا جميعًا. يبقى الإرميتاج منارة ثقافية تُذكر العالم بأن الجمال والمعرفة إرث مشترك يستحق أن نحافظ عليه وننقله للأجيال القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.