فارس حجازي يكتب | الأمن القومي.. درع الدولة

0

يُعدّ الأمن القومي الركيزة الأهم لبقاء أي دولة واستمرار قوتها، فهو ليس مجرد مصطلح سياسي أو عسكري، بل هو منظومة شاملة تتداخل فيها السياسة والاقتصاد والمجتمع والوعي الشعبي. أي خلل في إحدى تلك الدوائر ينعكس فورًا على قدرة الدولة في حماية نفسها وصون مصالحها داخليًا وخارجيًا.ما هو الأمن القومي؟الأمن القومي هو قدرة الدولة على حماية حدودها، والحفاظ على مصادر قوتها، وتأمين مواطنيها من التهديدات المباشرة وغير المباشرة. وهو يشمل الأمن العسكري، الأمن الاقتصادي، الأمن الفكري، الأمن الاجتماعي، وأمن المعلومات. ونجاح أي دولة في إدارة أمنها القومي يبدأ من وضوح رؤيتها الاستراتيجية، وقدرتها على قراءة المشهد الإقليمي والدولي.تغير مفهوم الأمن القومي في العصر الحديثلم تعد الجيوش وحدها هي خط الدفاع الأول كما كان في الماضي. اليوم أصبحت المعارك تُخاض في مجالات أخرى:الإعلام والحرب النفسيةالاقتصاد وسلاسل الإمدادالطاقة والممرات الحيويةالفضاء الإلكتروني والهجمات الرقميةالوعي الجمعي والرأي العامالدولة التي تفشل في تأمين وعي شعبها، أو حماية فضائها الإلكتروني، أو إدارة مواردها الاقتصادية، تصبح عرضة للتهديد مهما كانت قوتها العسكرية.الأمن القومي… ليس ملفًا حكوميًا فقطمن أخطر المفاهيم التي تحتاج إلى تصحيح هو الاعتقاد بأن الأمن القومي مسؤولية أجهزة الدولة وحدها. الحقيقة أن المواطن أصبح جزءًا أصيلًا من منظومة الأمن القومي عبر:وعيه بما يدور حوله.مقاومته للشائعات والحرب النفسية.دعمه لاقتصاد بلده.فهمه لسياق التحديات الإقليمية والدولية.فالدولة الحديثة تعتمد على ما يسمى “الأمن المجتمعي”، حيث يتحول الشعب ذاته إلى خط دفاع حقيقي ضد محاولات زعزعة الاستقرار.التحديات المعاصرة للأمن القوميتواجه الدول اليوم جملة من التحديات، أبرزها:1. الحروب غير التقليدية مثل حروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف العقول قبل الحدود.2. الصراعات على الموارد كالمياه والطاقة والغاز.3. الهجمات السيبرانية التي يمكن أن تعطل دولًا كاملة بضغطة زر.4. تغير النظام الدولي وصعود قوى جديدة يعيد تشكيل التحالفات والتوازنات.5. الضغوط الاقتصادية العالمية التي تجعل الدول النامية أكثر عرضة للاهتزاز.الأمن القومي المصري نموذجًاتتسم مصر بموقع جغرافي استراتيجي جعلها دائمًا محورًا للصراع الإقليمي والدولي، لذلك تعتمد القاهرة على سياسة أمن قومي متعددة الأبعاد تشمل:حماية الحدود البرية والبحرية.تأمين قناة السويس والممرات الحيوية.تعزيز القدرات العسكرية.بناء اقتصاد قادر على الصمود.الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية.إدارة علاقات خارجية متوازنة.هذا التكامل هو ما منح مصر القدرة على الثبات رغم ما مرّ به الإقليم من اضطرابات خلال العقد الماضي.الأمن القومي ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة واقعية تحتاج إلى وعي وإدارة واستراتيجية ورؤية. وكلما ازدادت الدولة قوة في اقتصادها، وتماسكًا في مجتمعها، وتطورًا في أدواتها، ووعيًا في شعبها… أصبحت أكثر قدرة على حماية مصالحها وصون سيادتها أمام تعقيدات عالم لا يتوقف عن التغيير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.