فاروق حسين أبو ضيف يكتب | طوفان الأقصى وإسرائيل بإفريقيا

0

أعادت الحرب في غزة من جديد القضية الفلسطينية على الساحة العالمية والإقليمية، لا سيما تأثيرها على التواجد الإسرائيلي داخل القارة الإفريقية، ومستقبل علاقاتها بعدد من دول القارة، التي شهدت مؤخرًا زخمًا في العلاقات بينهم، وربما تتأثر هذه العلاقات، في ضوء المواقف التي اتخذتها بعض دول إفريقيا جراء تصاعد الحرب في غزة، والتي تعبر بعضها عن مواقفها تجاه التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة؛ حيث سعت إسرائيل خلال الفترات السابقة إلى بناء علاقات قوية مع دول القارة الإفريقية، لكسب تأييدها في المواقف السياسية لتل أبيب، لا سيما مع استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعدم وجود حل مرضي كلا الطرفين حتى الآن، وفي هذا السياق، تسعى هذه الورقة إلى تسليط الضوء على تأثير الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على مستقبل العلاقات مع القارة الإفريقية، في ظل المواقف الإيجابية لعدد من دول القارة الإفريقية.
العلاقات الإفريقية الإسرائيلية قبل أحداث 7 أكتوبر 2023.
سعت إسرائيل إلى وضع القارة الإفريقية ضمن أهدافها الأساسية، كواحدة من أبرز الأهداف الدبلوماسية والسياسية؛ حيث نجحت تل أبيب في تعزيز تواجدها الإفريقي، وذلك من خلال تبني استراتيجية دبلوماسية محددة، والتي وقعت من خلالها عدة معاهدات دبلوماسية مع مجموعة من دول القارة الإفريقية، لا سيما في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والري والزراعة، وغيرها من المجالات الأخرى، كما سعت تل أبيب في الحصول على صفة المراقب في القمم الإفريقية وحتى عقد قمة إفريقية إسرائيلية، وهو الأمر الذي نجحت فيه إسرائيل، ففي يوليو 2021 وافق الاتحاد الإفريقي على انضمام إسرائيل كعضو مراقب في المنظمة القارية، بعد حصولها موافقة أغلبية الدول الإفريقية؛ حيث لم يعارض هذا القرار سوى 15 دولة إفريقية فقط؛ ورغم تجميد قرار الاتحاد الإفريقي؛ إلا أنه لم يتم إلغاءه.
ورغم مساعي إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع دول القارة الإفريقية من أجل مساندتها في قضاياها الدولية والإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الجوهرية والأساسية بالنسبة لتل أبيب وهي الصراع مع فلسطين، إلا أن التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة واستمرار الاعتداءات على سكان الإقليم، أظهر رد فعل شعبية قوية لصالح القضية الفلسطينية، وتنديد العديد من الدول الإفريقية “الغير عربية” بالجرائم الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، وتأكيد العديد من الدول الأخرى على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مع ضرورة إقرار هدنة إنسانية.
ختاما، يمكن القول أن القضية الفلسطينية ارتبطت تاريخيًا بالنضال الإفريقي ضد الاستعمار الأوروبي والاحتلال، لا سيما في ظل تشابه معاناة الشعب الفلسطيني بما عاناه أغلب دول القارة آبان فترة الاحتلال، وعلى الرغم من تباين مواقف دول القارة تجاه الحرب في غزة، إلا أن الصوت الإفريقي كان الأبرز بالنسبة للقضية الفلسطينية مؤخرًا، والتي بات ينظر إليها على اعتبارها ذات تأثير في الساحة الإقليمية والدولية، لا سيما الدور الكبير التي قامت به جنوب إفريقيا ورفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، وفي هذا السياق، فإن الحرب في القطاع قد تمثل مسارًا جديدًا لمستقبل العلاقات الإسرائيلية بالقارة الإفريقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.