فريدة رمزي شاكر تكتب | الملكة نازلي التي ظلمها التاريخ

0

ليست حياة الملوك بالأمر الهين، فحياتهم ليست ملكاً لهم، وهذا ما لاحظناه في حياة الملك فاروق، رغم أن مصر الملكية كانت أرقى ألف مرة، فلننظر لمصر أيام الملكية ومصر الآن، سنعرف الفرق الذي لا تخطئه العين.

فلم تكن كراهية الشعب المصري للملكية في حد ذاتها، بل كراهيتهم لحكم الملك فاروق خصوصاً ، فقد خرجت المظاهرات ضده تهتف” من لا يحكم أمه لايحكم أُمة ” ، أيوة عايروه بأمه لأنها صارت مسيحية، وكان لابد من وصمها بأنها إمرأة منحلة وماجنة لانها تركت الدين، للنيل من سُمعتها ومن شرفها!! فالمثل يقول” الناس على دين ملوكهم” فكيف لأم الملك أن تخرج عن دين الملك الذي يمثل أغلبية الشعب ؟!

_ كانت هذة البذرة الأولى ونواة التعصب الأعمى في مصر قبل ثورة 1952، حتى كان التهكم من الأدنياء والرعاع على فاروق الذي لم يأتي زمن على مصر فيه رخاء ورقي في الذوق العام مثل زمنه، فكانت مصر تضاهي في جمالها ونظافاتها بلدان أوروبا.
فغنوا له :” ياملك البلاد يازين ، يافاروق يانور العين، أمك مرافقة إتنين، علي ماهر وأحمد حسنين” . بالرغم من أن الملكة نازلي قد تزوجت بعد موت الملك فؤاد من أحمد حسنين باشا، زواجا عرفيا معترف به شرعاً وبعلم وبموافقة إبنها فاروق حتى صدمت سيارة لوري سيارة أحمد حسنين وتوفي على إثرها، إلا أن الرعاع عايروا الملك بهذه الزيجة!

و بالرغم أن الملكة نازلي كانت قد تركت مصر وهاجرت لأمريكا لمدينة سان فرانسيسكو مع إبنتيها فتحية وفائقة وإعتنقوا المسيحية وصاروا مسيحيات . ولكي يهدِّئ الملك فاروق الشعب قام بحرمان أمه وأخته فتحية من ألقاب الملكية ومن إمتيازاتهم ومن ميراثهم ومصادرة أموالهم داخل مصر، وخصوصاً عقابه لأخته الاميرة فتحية التي تزوجت بقبطي هو رياض غالي الذي سافر معهم لأمريكا وسلمته نازلي كل أموالها البسيطة التي خرجت بها من مصر، فإستدان رياض بسبب مشاريع فاشلة وخسر كل الأموال.

وبالرغم من هذا لم يسلم الملك فاروق من عدائية المصريين له، فهتفوا ضده:” ويكا ياويكا هات أمك وهات أختك من أمريكا” .. بل تمادوا في الشتائم المتعصبة، بوصف الملكة الأم بأنها عاهرة فهتفوا:” خرجت العاهرة من بيت الطاهرة” خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة والمقصود طبعاً بالطهارة في نظر هؤلاء بالملكة فريدة زوجته!

_ وصفوها بالمرأة اللعوب ، رغم أنها تركت كل شيئ في سبيل إختيارها أن تصير مسيحية، فلو كانت كما إتهمونها، كانت فضلت البقاء بمصر وتزوجت من أحد الحاشية التي حولها أو من أحد الذين إتهموها بأنها على علاقة به ! أليس المنطق هو من يقول هذا! كانت على الأقل لم تخسر عرشها ومالها وحياة رغدة لم تكن متاحة لإمرأة سواها!!
ومع هذا فضلت الإحتفاظ بدينها الجديد والابتعاد عن حياة الملوك الصاخبة والهجرة لعل الشعب ينساها.
ورغم أنها تركت مصر في وهي إمرأة كبيرة في السن ومع هذا لم تسلم من ألسنة الناس ومن تعصبهم فصارت في نظرهم عاهرة لعوب تبحث عن فحل يكبح جماحها!
هاجرت نازلي وخرجت من البلد صِفر اليدين، خالية الوفاض ، بعد أن عاشت مع الملك فؤاد حياة تعيسة مملوءة بالعشيقات حوله إمعانا منه في كسرها وإذلالها.

_ يتهمونها بأنها كانت تقيم علاقات مع ضباط ومع رجال الحاشية! فهل لم تجد مكان توسخه إلا داخل القصر ومع رجال الحاشية؟ فلماذا لم تأخذ معها هذا الفحل في رحلة سفرها وكانت تزوجته بالخارج ؟! حتى مش عارفين يكدبوا الكذبة لنصدقهم!
فلماذا تركت العِز وعلاقاتها الغرامية وتركت كل شيئ وهاجرت لتعيش وحيدة في الغربة ، إن كانت إتهاماتهم صحيحة!!
إن كان طريق الحرام والشهوات متعتها فلماذا تركت حياة الغِنى والترف وكل هذه الفخامة ورحلت مفلسة بعيداً !

نشبت الخلافات بين الأميرة فتحية وزوجها رياض الذي قام بقتلها بمسدسه ، ثم فشل في الإنتحار بعدها. لتعيش الملكة نازلي بقية حياتها فقرة ومُعدَمة بعد أن ألقت بكل أيام العز وراء ظهرها. لتموت مسيحية كما إشتهى قلبها و بعد أن تركت أموال العالم الزائل وأضواءه الكاذبة. لتختار المسيح. وفى عام 1978 ماتت نازلى في لوس انجلوس بأمريكا عن عمر يناهز 84 عاما . ودفنت في مقبرة مسيحية يعلوها الصليب بكاليفورنيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.