فلاح أمين الرهيمي يكتب | المدرسة وبناء الإنسان

0

جاءت أهمية المدرسة ونشأتها عندما شعرت الإنسانية أن الأسرة عاجزة وحدها عن إعداد الفرد للتوافق الاجتماعي اللازم وقد تأكد من حيث الواقع أن للمدرسة دور مهم يفوق قدرة الأسرة على القيام بتكوين وبناء شخصية الإنسان لأنها تعتبر أقرب إلى مطالب المجتمع الواعي والمدرك أكثر من الأسرة باعتبار المدرسة أرحب أفقاً وأوسع مجالاً من الأسرة وبمنجاة وبعيدة من التقاليد البالية الغربية التي تسود الأسرة وتجثم عليها من مُثل وعادات وتقاليد ترزح تحتها الأسرة بينما المدرسة أدنى إلى الحد والجدية والالتزام وبعيدة عن الدلال في معاملة التلميذ ولذا يتجلى اعوجاج السلوك في المدرسة أكثر مما يتجلى في البيت لأن الطفل يخرج من البيت وقد تأثرت شخصيته به تأثيراً عميقاً ولذلك يعتبر انتقال الطفل من البيت إلى المدرسة بعد الطفولة المبكرة حدث حرج خالد في حياته حيث يعتبر انتقاله من صغير وبسيط ضيق ومنطو على نفسه إلى مجتمع أوسع وأعقد وأكثر اتصالاً بالحياة الإنسانية فهي بيئة جديدة ذات نظم وقوانين جديدة أيضاً وبها من الواجبات والتكاليف والضبط ما لم يعهده الطفل حيث فيها علاقات جديدة ووجوه جديدة ومنافسات جديدة أيضاً ومغامرات جديدة وبين أتراب يختلفون عنه من نواح كثيرة وفيها يضطر الطفل إلى التضحية بكثير من الميزات التي كان ينعم بها في البيت .. والمدرسة سواء كانت روضة أم مدرسة فمعناها الانفصال عن الوالدين وخاصة الأم ولذلك يعتبر هذا التغيير العنيف في بيئة الطفل له أثر كبير في شخصيته وخلقه وسلوكه الاجتماعي فالعادات والتصرفات في البيت ليس لها وجود في المدرسة كما أنها تفرض عليه واجبات جديدة وإن يراعي النظام ويلتزم بالآداب وأن يلتفت وينصت إلى محدثه وأن لا يتجاوز عليه وعلى حقوق الآخرين وأن يتعاون مع زملائه الطلاب ويشترك معهم في الأشغال والألعاب وأن يحافظ على نظافة المدرسة … وبذلك تعتبر المدرسة مرحلة انتقال إلى مرحلة أخرى من حياة الإنسان وتأثيرها كبير في نمو ونضوج شخصيته وتستطيع أن تفعل الكثير في حياة الطفل وتطوره وتكوين شخصيته من خلال هذه المنظومة من القيم التي هي بمثابة الرحم الذي ينمو فيه الإنسان المدرك والواعي والمدبر لجميع مستلزمات الحياة المادية والمعنوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.