فوزي بدوي يكتب | رسالة للمواطن: صوتك مُصان

0

جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن الاستعداد لإلغاء نتائج انتخابات مجلس النواب في حال رصد أي مخالفات، لتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الدولة عازمة على صون الإرادة الشعبية، وأنها تضع نزاهة العملية الانتخابية فوق أي اعتبارات أخرى. وهي رسالة بالغة الأهمية في هذا التوقيت، ليس فقط لمن يشاركون في العملية الانتخابية، بل لكل مواطن يتطلع إلى مستقبل تُدار فيه مؤسسات الدولة وفق القانون وحده.
لقد وضع الرئيس معيارًا واضحًا لا يحتمل التأويل: إرادة الناخب هي أساس الشرعية، وأي شبهة تؤثر على نزاهة هذه الإرادة يجب التعامل معها بمنتهى الحزم والشفافية.
هذا الموقف يعكس قناعة راسخة بأن الدولة القوية لا تستمد قوتها من نتائج سريعة أو مضمونة، بل من ثقة شعبها في سلامة الإجراءات وعدالة المسار.
والتأكيد على أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي الجهة الوحيدة المختصة بالنظر في الطعون واتخاذ القرارات — بما في ذلك الإلغاء الكلي أو الجزئي — يُعد خطوة تعزز استقلال المؤسسات الرقابية، وترسّخ فكرة أن العملية الانتخابية محكومة بضوابط قانونية لا تتغير ولا تُستثنى.
وهذه الرسالة ليست موجهة للسياسيين وحدهم، بل تطمئن المواطن العادي بأن صوته مصان، وأن الدولة لا تتساهل مع أي فرد أو جهة تحاول التأثير على نتائج الانتخابات خارج الإطار القانوني.

ويأتي إعلان الرئيس استعداد الدولة لإعادة الانتخابات في أي دائرة يثبت فيها خرق، ليس مجرد إجراء فني، بل يعكس رؤية تتجاوز اللحظة الراهنة. فالحفاظ على نزاهة الانتخابات اليوم هو ما يصنع مستقبلًا سياسيًا مستقرًا يسمح بإنتاج برلمان معبر عن الناس بالفعل، قادر على التشريع والرقابة، ومؤهل للمشاركة الفاعلة في بناء الجمهورية الجديدة.
هذا الحرص يعيد التأكيد على أن الديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع، بل منظومة قيم تقوم على الشفافية والمحاسبة، وهو ما تجتهد مصر في ترسيخه في مؤسساتها وممارساتها.

الكلمة أرسلت رسائل واضحة داخليًا وخارجيًا. ففي الداخل، عززت ثقة المواطنين في مسار الدولة إذ يشعر الناخب أن صوته له قيمة وأن الدولة تراقب وتحاسب وتصحح.
أما خارجيًا، فهي تعكس أن مصر تخطو بثبات نحو بناء نموذج انتخابي يحترم المعايير الدولية في النزاهة والشفافية، بعيدًا عن أي تدخل أو تأثير غير مشروع.
ختاماً لقد جاءت كلمة الرئيس لتعبر عن نهج دولة لا تخشى المراجعة ولا التقييم، ولا تتردد في اتخاذ القرارات الصعبة إذا كان الهدف هو حماية الوطن وإرادة شعبه.
إنها رسالة بأن الانتخابات في مصر ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لإعلاء قيمة المشاركة الشعبية وترسيخ أسس الجمهورية الجديدة.
وبهذا، يظل المواطن في قلب المعادلة، وصوته هو المعيار الحقيقي لأي شرعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.