قياتي عاشور يكتب | خارطة طريق للتعليم بعد كورونا

0

وصفت المدير العام لليونسكو أودرى أزولاى أثار فيروس كورونا على قطاع التعليم بقولها “لم يسبق لنا أبدا أن شهدنا هذا الحد من الاضطراب في مجال التعليم”. وقد تسببت الأزمة بقلق إزاء مستقبل التعليم وأدت إلى إعادة التفكير في الممارسات التعليمية والنظر في نماذج تعليمية جديدة، ودفعت العالم إلى أن يراجع الكثير من فرضياته وأولوياته. وانطلاقًا من أن معنى «الأزمة» في اللغة الصينية يشير الى أنها خطرا وفرصة في آن واحد، ومن المقولات المأثورة “من رحم الأزمة تلوح الفرصة”، و “كل محنة وراءها منحة”، فكثيرًا ما تؤدي الأزمات والكوارث متمثلة في الحروب والأوبئة وغيرها – بجانب نتائجها الكارثية – إلى نتائج في صالح البشرية وفرص يمكن الاستفادة منها في تطوير وتحسين الواقع والاستعداد للمستقبل، فقد وفرت جائحة كورونا فرصًا عديدة لتطوير التعليم يمكن تناولها على النحو التالي:

التأكيد على أهمية تقديم بدائل تعليمية لضمان استمرار العملية التعليمية وقت الأزمات يسبقها تهيئة الميدان لهذا النوع الجديد من البدائل التي تقع تحت ما يسمى بالتعليم عن بعد أو التعلم مدى الحياة أو التعلم المدمج، وتقديم حزمة من الحلول لمساعدة الطلاب والطالبات على مواصلة تعليمهم.

إن وباء كورونا، أسرع وتيرة التخلص من نموذج التعليم التقليدي، وهو التعليم المصرفي أو البنكي الذي منح – لمدة طويلة – أهمية كبيرة لتلقين المعلومات وتخزينها، وهو نمط التعليم الذي لم يعد يلائم طبيعة العصر وحاجاته، إنه نموذج التعليم الذي

لا زال يعشش في العديد من مؤسساتنا التعليمية، فهو وليد الثورة الصناعية الأولى، والعالم يعيش الثورة الصناعية الرابعة، وهي ثورة تدخلت فيها التكنولوجيا في مجال التعليم، وستستمر في القيام بدور رئيس في تعليم الأجيال القادمة.

لفتت الجائحة الأنظار إلى أهمية تنمية وتطوير البنية التحتية والتكنولوجية للمؤسسات التعليمية وتوافر البنى التحتية المناسبة من منصات الحوسبة وغرف التدريس الافتراضية، وإلى تأهيل الجسم التعليمي وتمكينه من خوض غمار التكنولوجيا الرقمية في التعليم.

أكدت الجائحة الحاجة الى أساليب ونظم امتحانات وتقويم جديدة تتناسب وطبيعة التعليم الإلكتروني من خلال ميكنة أساليب التقويم والاعتماد على أساليب الامتحانات الإلكترونية والتصحيح الآلي وغيرها.

التعجيل بتعديل المناهج والمقررات وتحويلها الى صيغة إليكترونية، تلك المقررات التي يتم تقديمها بصورة كاملة عن طريق الشبكة العنكبوتية للطلاب الذين لا يحضرون المحاضرات التقليدية والتي تكون وجها لوجه مع المدرس، وجميع محتويات المقرر يجب أن تتوفر بصوره متكاملة عن طريق الشبكة العنكبوتية.

اكتساب الجيل الجديد مهارات تكنولوجية في مرحلة عمرية مبكرة بعد قضاء شهور في التعلم المنزلي خلال فترة الإغلاق، أصبح الطلاب على معرفة أكبر بأدوات ووسائل تكنولوجيا التعليم، وهذا يعني أن الجيل الجديد سيتبنى مهارات متقدمة للغاية في مرحلة عمرية مبكرة، حيث يمكنهم استيعاب المعلومات والتعلم سريعًا.

ارتفاع حصانة أسواق التعليم ضد التغييرات المفاجئة ستصبح المنظومة التعليمية محصنة ضد التغييرات المفاجئة، مع اعتماد النظام الجديد على التكنولوجيا، وبالتالي ستكون مستويات التعليم جميعها متاحة ومضمونة بصرف النظر عما يحدث في العالم.

الحاجة إلى تحليل البيانات الضخمة: إذا أردنا الارتقاء والتقدم بالتعليم، ينبغي على الحكومات تخصيص ميزانية معينة للبحوث والتطوير، من شأنها الاستفادة من البيانات الضخمة، Big Data الحقيقية والموثوقة والواضحة، لبناء مستقبل عملي ومشرق، يعود بالفائدة على الطلاب والمدرسين على حد سواء في المدارس والجامعات.

اليوم هو أنسب وقت للاستفادة من النجاحات الحالية والبناء عليها، فقد وفرت تجربة التعليم عن بعد آفاقا جديدة تبشر بكثير من الآمال نحو مستقبل تعليمي واعد، والتطلع نحو ما هو أعمق، وأهم من مجرد وجود الأنظمة التعليمية التقليدية فقط لنعمل معًا نحو مستقبل تعليمي مشرف.

* قياتي عاشور، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.