كاظم المقدادي يكتب | البيئة والصحة وحقوق الإنسان (٢-٢)
بعد نضال طويل، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في قراره المرقم 10/19،الذي إعتمده في 22/3/2012،تعيين خبير مستقل يُعنى بمسألة إلتزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة اَمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، تكون من ضمن واجباته إجراء دراسة بشأن إلتزامات حقوق الإنسان، بما في ذلك الإلتزامات بعدم التمييز فيما يتعلق بضمان التمتع ببيئة اَمنة ونظيفة وصحية ومستدامة.
وإستكمالآ لهذه الخطوة، أعلن المجلس في 8/10/ 2021 أن التمتع ببيئة نظيفة وصحية ومستدامة يعتبر حق من حقوق الإنسان. ودعا في قراره رقم 13/ 48.الدول في جميع أنحاء العالم، إلى العمل معا ومع شركاء آخرين لتنفيذ هذا الحق المعترف به حديثا.ودعا الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في الموضوع ولإتخاذ قرار مماثل.
ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات جريئة “لضمان أن يكون هذا القرار بمثابة نقطة انطلاق للضغط من أجل سياسات اقتصادية واجتماعية وبيئية تحويلية من شأنها حماية الناس والطبيعة. ونوهت بان القرار”يعترف بوضوح بالتدهور البيئي وتغير المناخ كأزمتين مترابطتين مع حقوق الإنسان”.
من جهته،أعلن المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة ديفيد بويد:” نحن بحاجة لأن تتحرك الحكومات والجميع بإحساس يعكس إلحاح المسألة. أعني، نحن نعيش في خضم أزمة مناخ وتنوع بيولوجي وأزمة تلوث وأيضا أزمة من هذه الأمراض الناشئة مثل كوفيد-19، التي لها أسباب بيئية جذرية. ولهذا فإن هذا القرار مهم للغاية لأنه يقول لكل حكومة في العالم ’يجب وضع حقوق الإنسان في صلب العمل المناخي، والحفاظ على الطبيعة والتصدي للتلوث ومنع الأوبئة في المستقبل:وأكد: “هناك مليار شخص لا يمكنهم مجرد فتح الصنبور والحصول على مياه آمنة ونظيفة”.
وأكدت مديرة قسم الصحة العامة والبيئة في WHO بان للقرار تداعيات مهمة وتأثير على عملية التعبئة.وستكون الخطوة التالية هي كيفية ترجمة ذلك فيما يتعلق بالحق في الهواء النظيف وما إذا كان بإمكاننا الدفع، على سبيل المثال، من أجل الاعتراف بإرشادات جودة الهواء العالمية لمنظمة الصحة العالمية ومستويات التعرض لبعض الملوثات على مستوى الدولة. كما أنه سيساعدنا على نقل تشريعات ومعايير معينة على المستوى الوطني.”ونبهت بان تلوث الهواء، الناتج في المقام الأول عن حرق الوقود الأحفوري، يتسبب في تغير المناخ، وفي 13 حالة وفاة في الدقيقة في جميع أنحاء العالم.ودعت إلى إنهاء هذه “المعركة العبثية” ضد النظم البيئية والبيئة.يجب أن تكون جميع الاستثمارات على ضمان الوصول إلى المياه المأمونة والصرف الصحي والتأكد من توفير الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة وأن نكون نظمنا الغذائية مستدامة
قرار تاريخي للجمعية العامة للأمم المتحدة
لقد أكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، بإن الاعتراف بالحق في بيئة صحية على المستوى العالمي سيدعم الجهود المبذولة لمعالجة الأزمات البيئية بطريقة أكثر تنسيقا وفعالية وغير تمييزية، ويساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوفير حماية أقوى للحقوق والأشخاص الذين يدافعون عن البيئة، ويساعد في إنشاء عالم يمكن للناس فيه العيش في انسجام مع الطبيعة.
وأعرب خبراء حقوقيون ومقررون خاصون آخرون، ورئيسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسون، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، والكثير غيرهم، عن دعمهم للاعتراف بالحق في بيئة صحية. كما وأوصى. “مؤتمر ستوكهولم +50” في حزيران 2022، بأن “تعترف الدول بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدام وتنفيذهة .”
ولعب علماء وأكاديميون وباحثون ومسؤولون إداريون حريصون، دورهم المشهود في تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة ، في 28/7/2022، قرارها التاريخي، الذي إعتبر الوصول إلى بيئة نظيفة وصحية ومستدامة حقاً عالميا من حقوق الإنسان. ودعا القرار،، الذي إستند إلى قرار مجلس حقوق الإنسان المذكور ، كافة الدول والمنظمات الدولية والشركات التجارية إلى تكثيف الجهود لضمان بيئة صحية للجميع.
وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالقرار التاريخي وقال إنه يبرهن على إمكانية أن تتحد الدول الأعضاء في النضال الجماعي ضد أزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث.وإن القرار “سيساعد في الحد من المظالم البيئية، وسد فجوات الحماية، وتمكين الناس والأشخاص المعرضين للخطر في الأوضاع الهشة على وجه الخصوص بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية، الأطفال، الشباب، النساء، والشعوب الأصلية”. وأضاف أن القرار سيساعد الدول أيضا على تسريع تنفيذ التزاماتها وتعهداتها المتعلقة بالبيئة وحقوق الإنسان..وشدد على أن اعتماد القرار “ليس سوى بداية”، وحث الدول على جعل هذا الحق المعترف به حديثا “حقيقة للجميع في كل مكان”.
من جهته، إعتبر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة إن قرار الجمعية العامة سيغير طبيعة القانون الدولي لحقوق الإنسان نفسه.وقال إن الحكومات قطعت وعودا بتنظيف البيئة والتصدي لحالة الطوارئ المناخية لعقود من الزمن، لكن امتلاك الحق في بيئة صحية يغير منظور الناس من “استجداء” الحكومات إلى مطالبتها بالتصرف.