كاظم حسن سعيد يكتب | النظام العالمي

0

يضم الكتاب مقدمة وتسعة فصول هي , اوربا النظام الدولي التعددي , نظام توازن القوة الاور وانتهاؤه ,الحركة الاسلاموية والشرق الاوسط .. عالم في عين الفوضى ,الولايات المتحدة وايران , تعددية آسيا ,نحو نظام آسيوي .. مجابهة ام شراكة , خدمة للبشرية كلها … قوة عظمى مترددة .. اما الفصل التاسع فقد عنون ب التكنولوجيا .. التعادل ..والوعي الانساني .
يقع الكتاب في 395 صفة ترجمه د فال جكتر وصدر عن دار الكتاب العربي 2025 .
اهمية هذا الكتاب تاتي من اهمية مؤلفة مهندس الدبلوماسية الامريكية ولا تترسخ اهمية الرجل من انجازاته كمعاهدة كامبديفد بل لمقدرته على التواصل حتى اخرعمره حيث قام بزيارة للصين وهو بعمر قرن .
يتناول كيسنجر في مطلع الفصل الرابع الموسوم ب ( الولايات المتحدة وايران: مقاربتان للنظام ) خطابا ادلى به المرشد السيد خامنئي سنة 2013في مؤتمر ديني اطرى فيه على الربيع العربي واعده ثورة عالمية جديدة معتبرها صحوة اسلامية ذات عواقب كاسحة للعالم وتابع ان الغرب اخطأ اذ رأى ان جماهير المتظاهرين كانت تمثل انتصارا للديمقراطية الليبرالية لانهم سيرفضون التجربة المريرة والمرعبة لمجاراة الغرب وهم كانوا يجسدون ( الانجاز الاعجازي للوعود الالهية وحسب راي خامنئي فان هذه الصحوة المتجددة للوعي الاسلامي ستفتح الباب امام ثورة دينية عالمية مرشحة لسحق النفوذ الطاغي لامريكا وستضع حدا لثلاثة قرون من التفوق الغربي .
يقول كيسنجر ان من شان هذه التصريحات ان يتم التعامل معها بوصفها تحديا ثوريا خطيرا لانها صدرت من شخصية له سلطة دينية وزمنية في بلد مهم ويضيف نقلا عن المرشد بان المباديء الدينية الكونية الشاملة لا المصالح القومية الوطنية او الاممية الليبرالية هي ما ستسود العالم الجديد ولو صدرت مثل هذه الافكار من قائد آسيوي او وربي لفسرت بانها تحديات عالمية صادمة لكن تكرارها على مدى 35 عاما افاد في ترويض العالم وجعله متآلفا مع راديكالية هذه العواطف والافعال الداعمة لها ومن جانبها دأبت ايران على مزاوجة تحديها للحداثة مع تراث فن حكم الفي استثنائي الدهاء .
عنوان فرعي يتلو ذلك ( تراث فن ادارة الدولة الايراني ) يذكر المؤلف بانه منذ تطبيق المباديء الاسلامية الراديكالية بوصفها عقيدة سلطة دولة منذ 1979 انقلب نظام الشرق الاوسط رأسا على عقب .
فتراث ايران التاسيسي متمثلا بالامبراطورية الفارسية التي تمكنت عبر سلسلة من عمليات التجسد من القرن السابع قبل الميلاد من اقامة حكمها على امتداد القسم الاكبر من الشرق الاوسط المعاصر مع اجزاء من اسيا الوسطى وجنوب غرب اسيا وشمال افريقيا بفن وثقافة متالقين وجهاز بيروقراطي ذي خبرة في ادارة مقاطعات مترامية الاطراف وبجيش جرار متعدد الاثنيات مصقول جراء حملات ناجحة في جميع الاتجاهات , فاصر المثل الاعلى الفارسي للنظام الملكي على رفع سيده الى مرتبة سماوية بوصفه ملك الملوك العاكف على اقامة العدل ورسم التسامح مقابل الطاعة السياسية السلمية .
كان المشروع الامبراطوري الفارسي مثل نظيره الصيني يمثل صيغة لتنظيم العالم اضطلعت بها انجازات الثقافة والسياسة والثقة السيكولوجية المتماسكة الثقة بالنفس فادت دورا لا يقل عظمة عن الفتوحات العسكرية التقليدية وافضل من وصف تلك الثقة هو المؤرخ الاغريقي بالقرن الخامس قبل الميلاد هيرودوت فكانت تلك الثقة متوفرة بهذا الشعب الذي بات يرى في نفسه مركز الانجازات الانسانية .
ويضيف كيسنجر بعد 25 قرنا كان هذا الاحساس بالثقة الذاتية الجليلة مايزال قائما .
وحتى عهد دخول العرب ايران فاتحين ظلت ايران محافظة على لغتها وعلى شحن النظام الجديد بتركات الامبراطورية التي اطاح بها الاسلام للتو .
في النهاية اصبح المذهب الشيعي دين الدولة منذ القرن 19 واعد تحديا للامبراطورية العثمانية المتنامية التي كانت تعتنق المذهب السني وعلى النقيض من اكثرية التفسيرات السنية داب هذا الفرع من الاسلام ( الشيعي ) على تاكيد الصفات الصوفية – الباطنية المتعذرة الطمس للحقيقة الدينية كما على اجازة الرياء او الخداع الحصيف في خدمة المؤمنين .
بعدها يتطرق الكاتب الى ثورة الخميني ويتناولها طبيعة وتاثيرا ويؤكد التقارب بينها وافكار سيد قطب .. قال بازركان ان المطلوب هونظام حكم شبيه بالاعوام العشرة من حكم النبي ص وفي غضون الاعوام الخمسة من حكم الامام علي .
ويضيف كيسنجر (لعل ايران بين سائر دول الشرق الاوسط هي المتوفرة على الخبرة الاكثر تماسكا على صعيد العظمة القومية – الوطنية والتراث الاستراتيجي الاعرق والاوسع دهاء .
لقد حافظت على ثقافتها الاساسية عبر ثلاثين قرنا عبر فن التلاعب بعناصر محيطة وتوظيفها .
يستمر هذا الفصل ما يقارب سبعين صفحة .
كيسنجر ( 1923 -2023 ) سياسي ودبلوماسي وخبير استشاري جيوسياسي امريكي شغل منصب وزير خارجية امريكا سنة 1973 ومستشار الامن القومي للرؤساء نيكسون وفورد , حصد نوبل بسبب اجراءاته في التفاوض لوقف إطلاق النار بفيتنام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.