كرم نعمة يكتب | شطرنج كرة القدم

0

واحدة من أسرار براعة بيب غوارديولا مدرب نادي مانشستر سيتي الذي ظفر ببطولة الدوري الممتاز هذا العام وللمرة الرابعة وجعل من تاريخ النادي يعيش حقبة مشرقة، أنه قضى سنوات من النقاش والتحاور مع مثله الأعلى غاري كاسباروف بطل العالم السابق في الشطرنج، وإلى اليوم لا يتوقف غوارديولا عن استلهام الخطط في ميدان كرة القدم من طريقة تفكير كاسباروف المتمرد المثابر الثابت والحازم على رقعة الشطرنج. مع أن الخطورة تكمن في أن الوقت قاتل في ميدان كرة القدم بينما هو أقل خطرا في الشطرنج.

هناك اعتقاد حقيقي أن تعلّم أساسيات الشطرنج من شأنه أن يطور إدارة الأعمال، وهذا الاعتقاد تمدد إلى عالم التدريب في كرة القدم حيث يتحول مضمار الكرة إلى آلة شطرنج بشرية. إذ يمكن للمدرب أن يستفيد من اكتساب عقل لاعب شطرنج جيد. لتطور عدد من المهارات العقلية واكتساب البراعة اللازمة لاستنباط التكتيكات والاستراتيجية، وتحسين الإبداع “مهم لعامل المفاجأة” ناهيك عن الطريقة التي تسهل على لاعبي كرة القدم التركيز.

لعبة الشطرنج تعلمك التحكم في الإثارة الأولية عندما ترى شيئا جيدا وتدربك على التفكير بموضوعية عندما ترى نفسك في خطر. فكم هي دقائق الخطر التي يمر بها لاعبو كرة القدم؟

لوحة الشطرنج تشبه ملعب كرة القدم، حيث يمكن تقسيمها إلى ثلاث قنوات، قناة مركزية واثنتان خارجيتان. في كرة القدم كما في لعبة الشطرنج، يمكن أن يكون التحرك في منتصف الملعب أكثر إثارة للاهتمام لأنه الأسرع والأكثر مباشرة نحو المرمى أو الملك في الشطرنج.

السيطرة على الوسط والاحتفاظ بالمبادرة والكرة أمران أساسيان، كما يؤكد دائما غوارديولا، إما من خلال لاعبي خط الوسط أو بشكل غير مباشر مع الظهيرين اللذين يتصرفان مثل خيول الشطرنج. قم ببناء الهجمة من خلال الوسط وسينفتح الملعب أمامك كرقعة شطرنج، وتصبح زوايا الهجوم متعددة.

يمكن الاقتباس هنا من بول مورفي أحد أكبر أستاذة الشطرنج في العالم، الذي صار يشبهه بعد عقود في مضمار كرة القدم الجناح الهولندي الطائر يوهان كرويف في الملعب وغوارديولا في فلسفة بناء الهجمات والاحتفاظ بالكرة أكبر قدر ممكن.

فمورفي يمتلك القدرة على رؤية خطر الرقعة بوضوح، وكيف أن لعبة التموضع هي، أولاً وقبل كل شيء، القدرة على ترتيب القطع بالطريقة الأكثر فعالية.

المفاجأة في الشطرنج، يمكن أن نجد لها معادلا في لعب الكرة، مثل استغلال نقاط ضعف الخصم لإفقاده الثقة باللعب وسلب الوقت منه.

خلال إحدى مباريات بطولة العالم للشطرنج عام 1991، استغرق فيكتور كورشنوي ساعة و20 دقيقة للقيام بحركته الثالثة عشرة ردًا على تغيير غير متوقع من منافسه أناتولي كاربوف. لم تصل حركة كاربوف إلى كش ملك، لكن الميزة الزمنية التي حصل عليها من خلال مفاجأة منافسه كانت حاسمة بالتأكيد. كان كورشنوي بحاجة إلى إعادة تنظيم ومراجعة إستراتيجيته وتكتيكاته. يمكن أن نجد معادلا لذلك في مباراة مانشستر سيتي وريال مدريد في نصف نهائي أبطال أوروبا 2022 عندما انهزم ريال مدريد بأربعة أهداف.

في الشطرنج وكرة القدم عدم التحرك ليس خيارا، فهو قد يوصل لاعب الشطرنج إلى خطر كش ملك فيما قد يجعل لاعب كرة القدم يجري بأقصى سرعة ممكنة للحاق بالخصم دون أن يصل إليه.

لكن السؤال متى تتحرك؟ يجيب غوارديولا وكأنه يحرك لاعبيه على رقعة شطرنج “تقدم الجناحين عاليا على طرفي الملعب، وضع الكثير من اللاعبين في الوسط، العودة للدفاع دون الكرة، الركض مثل الحيوانات، والتمتع بالهدوء حين تكون الكرة في حوزتهم. المزيد من التمريرات التي تساعد التفكير أكثر بما يتعين علينا القيام به”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.