كريم صبحي على يكتب | الدبلوماسية المصرية .. مدرسة للحكمة

0

مُخطئ وواهم جدا من يظُن بأن التعامل مع الأمور بعقلانية وحكمة وتريث وحذر شديد هو علامة من علامات الضعف والخوف والفشل، ومن يُفكر في الأمور بهذه النظرة الدونية والقاصرة جدا وبهذه الطريقة الضحلة والسطحية فعليه إذا أن يعلم جيدا بأنه شخص جاهل ولا يفقه في علوم الدنيا أي شىء وعليه أيضا أن يُعيد التفكير جيدا مرة أخري في كل جانب من جوانب هذه الحياة حتى يستطيع أن يجمع كل أجزاء الصورة أمام عينيه، لكي يكتمل المشهد الواضح والذي يدل على أن كل أمور الحياة يجب أن تؤخذ ببالغ الحكمة والعقلانية والتريث من أجل الوصول إلى أسمي معاني التعايش السلمي فيما بين المجتمعات وتجنُب إشعال فتيل الصراعات والحروب.
وأتوجه بكلامي وحديثي هذا إلى كل هؤلاء المشككين في الدبلوماسية المصرية وطريقة إدارتها الحكيمة لكل الملفات الإقليمية والدولية، خاصة تلك الملفات الشائكة جدا لدول الجوار والدول ذات الحدود المشتركة مع حدود جمهورية مصر العربية.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر فمن أهم تلك الملفات، الملف السوداني والملف الليبي وأيضا ملف القضية الفلسطينية، والتي لم تُقدم أي دولة في العالم ما قدمته مصر منذ عقود طويلة جدا لإحياء القضية الفلسطينية ومساندة وتأييد الشعب الفلسطيني في كل المحافل العربية والدولية، وعلينا ألا ننسي جميعا أن مصر وقيادتها السياسية الحكيمة هم من أوائل المتحركين والفاعلين دائما وبكل جدية لإيقاف أي تصعيد يحدث في قطاع غزة أو في أي أرض من الأراضي الفلسطينية، لتأتي هنا الدبلوماسية المصرية وتتدخل بكل عقلانية وحكمة حقنا لدماء الأبرياء وحفاظا على الممتلكات والأرواح.
وأيضا من أهم وأخطر تلك الملفات والتي تتعامل فيها مصر وتديرها ببالغ الحكمة والعقلانية هو ملف سد النهضة، وهنا يعلم القاصي والداني جيدا أن مصر وقيادتها السياسية الحكيمة تمتلك كل الخيارات على أرض الواقع، ولكنها اختارت أن تدير هذا الملف بأقصى درجات ضبط النفس، واختارت أيضًا أن تكون المفاوضات السياسية هي السبيل المتبع للحل، وهذا ما جعل كل الخونة والمشككين عاجزين وصامتين أمام سياسة الرُشد والحكمة التي تتبعها مصر في إدارة ملفات خطيرة وحساسة جدا مثل هذا الملف، فلم تنجر مصر أبدا إلى الفخاخ المنصوبة لها من أجل الإيقاع بنا في دوامة من الصراعات كانت ستعطل مسيرة البناء والتنمية.
علينا ألا ننسي أيضا ملف من أخطر الملفات والتي تعاملت فيها الدبلوماسية المصرية بكل حكمة وعقلانية وهو ملف الهجرة غير الشرعية، والدليل على ذلك هو ما جعل الغرب والدول الأوروبية تختار مصر تحديدا كشريك استراتيجي وأساسي لمحاربة الهجرة غير الشرعية لتنجح مصر بالفعل في القضاء بنسبة كبيرة جدا على تلك المشكلة، وأيضا من أجل الحفاظ على أرواح المصريين والذين كانوا يركبون قوارب الموت ويضيعون في البحر دون أي هدف أو معنى.
وبالتأكيد سأحتاج إلى أكثر من مقال واحد للتحدث عن حكمة وعقلانية الدبلوماسية المصرية في إدارة ملفات السياسة الخارجية، ولكن كانت هذه مجرد إشارة صغيرة فقط لتاريخ طويل من نجاحات ونجاحات كثيرة جدا تؤكد وبشدة على أن الدبلوماسية المصرية مدرسة للحكمة وقدوة وقيادة للمنطقة العربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.