ماجد طلعت يكتب | الاقتصاد الأخضر
يتجه العالم الآن نحو تطبيق استراتيجيات جديدة تشجع على التحول نحو الاقتصاد الأخضر كأداة لتحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص استثمارية جديدة للشركات، وبالفعل خلال السنوات الأخيرة ركزت مصر على تبني مفهوم الاقتصاد الأخضر، والذي يعرف بأنه “اقتصاد يهدف إلى الحد من المخاطر البيئية، وإلى تحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي” واعتبرته الأمل المنشود لتحقيق التنمية المستدامة لتحقيق الطفرة الاقتصادية ومراعاة البعد الاجتماعي بهدف تحقيق تنمية مستدامة شاملة في كافة المدن والأقاليم.
تعتبر مصر من أكبر الدول التي استثمرت في الحفاظ على البيئة، وأول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل الحكومة فيها على إطلاق عدد من الاستراتيجيات لتعزيز الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تتضمن ثلاث استراتيجيات وطنية تتمثل في “الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية” و”الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين”، بالإضافة إلى “الاستراتيجية الوطنية للموارد المائية”، وكذلك مجموعة من الحوافز الاقتصادية لتعزيز التحول الأخضر في مصر.
قامت الحكومة المصرية بالفعل بتحديث استراتيجيتها للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، وذلك للاستجابة للتحديات الجديدة والناشئة، بما في ذلك النمو السكاني وتغير المناخ وندرة المياه، وعملت الدولة ممثلة في وزارة البيئة على الاهتمام بالقضايا البيئية من خلال الشراكات مع القطاع الخاص وتوفير السياسيات الداعمة للعمل على الحفاظ على البيئة والحفاظ على الموارد البيئة وإنشاء المجلس الأعلى للتغيرات المناخية، وإطلاق برامج التعاون في مصر وكثير من الدول والأولوية في هذه البرامج لمجالات التحول الأخضر.
أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية كذلك، بالتعاون مع وزارة البيئة في 2020، دليل “معايير الاستدامة البيئية”، وذلك بهدف جعل الخطة الاستثمارية خضراء باتباع تلك المعايير، على أن يكون 30% من المشروعات الاستثمارية للعام المالي 2021/2022 مشروعات خضراء. كما أصدرت وزارة المالية “سندات خضراء” بقيمة 750 مليون دولار لأجل خمس سنوات بسعر عائد ٥,٢٥٠٪، بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدامة لتمويل المشروعات الخضراء خاصة في مجال النقل النظيف، وأيضا القطاع الخاص المصري يستعد لإطلاق “سندات خضراء خاصة” بقيمة تتراوح بين 120-200 مليون دولار أمريكي.
لقد عملت مصر نحو تنفيذ عدة مشاريع لتعزيز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، منها: مشروعات حماية السواحل الشمالية من ارتفاع منسوب البحر، مشروع تأهيل وزراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن الغذائي وتعويض تدهور وتآكل الأراضي في دلتا النيل، مشروع إعادة تأهيل وتجديد الشبكة القومية لقنوات المياه بتكلفة 68.5 مليار جنيه، وذلك في إطار تحديث طرق الري التقليدية وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية، مشروعات معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها، وأيضا مشاريع تعزيز وتحديث تقنيات الري لتكن أكثر كفاءة.
يجب على المجتمع ككل حكومة وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني من العمل معًا لتغيير السلوك المجتمعي من أجل دعم مجهودات الدولة في التحول الأخضر، بهدف الوصول إلى مستقبل خالٍ من المخلفات وذلك عن طريق رفع الوعي لدي المواطن المصري للحفاظ على البيئة وارتباطها بمجالات السياحة والاقتصاد والصحة، وضرورة عمل دعاية وتحفيز المواطنين لتغيير السلوكيات السيئة، واعتماد استخدام مواد أكثر استدامة وقابلة للتدوير أو إعادة الاستخدام لتقليل الآثار البيئية السلبية وتقليل الانبعاث الحراري من أجل مستقبل أفضل لمصر وللعالم كله.