مجدي عبد الحميد يكتب | تدريس العلوم الانسانية

0

بداية لا يعنى انتهاء دراسة علم ما انتهاء ذلك العلم ليصبح تاريخيا ، ولكنه قد يعنى انتهاء تدريسه فى مراحل التعليم الجامعى وتحوله الى الدراسات العليا او المزدوجة مع علم آخر.
ومن أهم العلوم التى ستنتهى دراستها الفلسفة العامة والاجتماع العام والتاريخ الكلاسيكى والانثروبولوجيا بالاضافة الى الأدب الكلاسيكى ومعظم الفنون التى ترتبط بأوراق او تصميمات يدوية ، وقد تقلصت ايضا دراسة المكتبات وادارة المكتبات ( اصبحت ترتبط بعلوم المعلومات ) واللغات غير المستخدمة بصورة عالمية والعديد من تخصصات علم النفس والتجارة والقانون النظرية .
للاسف لم تعد تلك الامور تختص بدول معينة بل اخذت طابعا عالميا ، ومن هنا اصبح الطالب الجامعى لا يرى مستقبلا مهنيا له مع تلك التخصصات فى سوق العمل ، فخريج الفلسفة والتاريخ والادب الكلاسيكى مثلا لن يكون اكثر من معلم لمادته والقلة النادرة ( المطلوبة) هم الباحثون من حاملى درجات الدراسات العليا …
هل نحن مستعدون فى تعليمنا لالغاء دراسات الادب العربى القديم ( جاهلى وعباسى واندلسى وغيره) ؟ ، بل ومع الادب العربى ستتلاشى دراسات التاريخ الفرعونى والرومانى والقبطى والعربى والمملوكى لتصبح على رف الدراسات العليا مع اللغات اللاتينية والقبطية والارامية والسيريانية .
هل نحن مستعدون لتطعيم كل العلوم بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى كما يحدث فى العالم الان ؟ هل نحن مستعدون لطبيب عصرى يتعامل مع مخرجات اجهزة التحاليل الدقيقة والاجهزة الطبية والمناظير مع دراسته التقليدية للطب ؟ وقس على ذلك كافة التخصصات العلمية ، هل نحن مستعدون بادارى ومحاسب ومدير مالى ومسوق ومصور ورسام وموسيقى يتقن برامج التكنولوجيا الحديثة ليصل الى هدفه باسرع وقت ممكن ؟
لا شك ان الجامعات سيكون عليها عبء كبير فى تطوير الأمة ككل بتطوير التعليم قبل الجامعى والجامعى وفى نفس الوقت مواكبة ما يحدث فى العالم ، لقد قلدت الصين الدول المتقدمة فى الغاء دراسة تخصصات لا تقدم جديدا لسوق العمل ، وادخلت تخصصات جديدة بضعف ما تم الغاؤه ، ومعظم التخصصات الجديدة اما مرتبطة بالهندسة او بربط العلوم التطبيقية بالتكنولوجيا ( طب جراحة المناظير مثلا) او دمج تخصصات مثل عشرات التخصصات الجديدة فى مجال البيولوجيا الجزيئية التى تهتم بزرع الاعضاء ونقلها وعلاج الامراض المعروفة وهى ناتج دراسات صيدلة وبيولوجيا وكيمياء مع الطب والزراعة ، وحتى فى التخصصات النظرية تم دمج بعضها مع تخصصات علمية ليكون هناك تخصص مزدوج له أهمية خاصة فى مجالات مثل مجالات التغيرات المناخية والبيئية والزراعة بالدرونز وصناعات الاغذية بالروبوتات او علم النفس الهجرة والسكان والطفولة وغيرها .
السؤال المنطقى الان : ماذا سيفعل خريج سابق لدراسات ألغيت او ستلغى ؟ ، هذا السؤال أجابت عليه الولايات المتحدة أفضل اجابة باعادة توجيه الخريجين عبر دراسات مبسطة معظمها مهنية ( دبلوم – ماجستير – دكتوراة ) واتاحت كذلك تدريبات بسيطة تتيح عمل تحويل للتخصص ( شيفت) ناحية سوق العمل وهو امر بسيط جدا خاصة بعد ان اوضحت دراسات ان ٧٠% من التخصصات العادية لا يعمملون فى مجال تخصصهم ، وتعتمد معظم التدريبات والدراسات البسيطة على دمج التخصص الملغى بالتكنولوجيا او اللغات العالمية او الادارة او البيع او التسويق او التجارة او حتى الصناعات المتناهية فى الصغر والصغيرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.